التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ} (193)

قوله تعالى : ( ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ) .

المنادي الذي ذكره الله هنا هو الرسول صلى الله عليه و سلم . وهو قول أكثر المفسرين ويؤيد ذلك من الكتاب مثل قوله تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك ) وقوله : ( وداعيا إلى الله بإذنه ) .

وقيل : المراد به القرآن فليس كل الناس قد سمع الرسول صلى الله عليه و سلم ، أما القرآن فقد سمعه كل أحد وفهمه . ودليل ذلك ما أخبره الله تعالى عن مؤمني الجن إذ قالوا : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ) والجملة الفعلية من قول : ( ينادي للإيمان ) في محل نصب صفة للمنادي . وقوله : ( للإيمان ) يعني إلى الإيمان .

وتأويل الآية هو : ربنا سمعنا داعيا يدعو إلى الإيمان ، وهو التصديق بك والإقرار بوحدانيتك ونبذ الشرك والشركاء واتباع رسولك الأمين وطاعته فيما أمر به أو نهى عنه ( فآمنا ) أي فصدقناه واستجبنا له واتبعناه .

قوله : ( ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا ) الغفر والكفر ( بفتح الكاف ) بمعنى واحد . وأعيد ذكر الثاني بعد الأول في الآية على سبيل المبالغة والإلحاح في الدعاء ، فإن الله يحب العبد اللحاح في الدعاء .

والمعنى : يا ربنا استر علينا خطايانا ومعاصينا ولا تفضحنا بها على رؤوس الأشهاد يوم القيامة ، بل امحها بفضلك ورحمتك .

قوله : ( وتوفنا مع الأبرار ) ( الأبرار ) جمع ومفرده : بار ، وبر ، بالفتح . والبر بالكسر معناه الخير والفضل والطاعة . ورجل بار ، أي صادق أو تقي ، وهو خلاف الفاجر . {[670]} والمعنى : توفنا يا ربنا معدودين في جملة الأبرار كالنبيين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا . وقيل : توفنا على مثل أعمالهم حتى نكون في درجاتهم يوم القيامة .


[670]:- المصباح المنير جـ 1 ص 49.