تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ} (193)

الآية 193 وقوله تعالى : { ر بنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان } يحتمل وجهين :

أحدهما : على حقيقة السمع أن سمعوا مناديا يدعوهم إلى الإيمان وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم أو القرآن كلاهما يدعوان الخلق إلى الإيمان بالله ويحتمل قوله : { سمعنا } أي عقلنا وعقل كل أحد يدعى{[4756]} إلى التوحيد والإيمان وقيل : سمعوا دعوة اله فأجابوا لها وصبروا عليها . وعن ابن عباس رضي الله عنه : ( المنادي محمد صلى الله عليه وسلم ) ثم قرأ { لأنذركم به ومن بلغ } الآية { الأنعام 79 ) وعن غيره : المنادي هو القرآن يدعوهم { ان آمنوا بربكم فآمنا } فيه دلالة ان الإيمان ليس هو جميع الطاعات على ما يقول بعض الناس ولكنه فرد تصديق لأنه قال لهم { آمنوا بربكم } لم يطلبوا التفسير ولا قالوا : كم أشياء تكون ؟ ولكن أجابوه إجابة موجزة فقالوا : { فآمنا ربنا } .

ثم فيه دلالة أن لا ثنيا في الإيمان لانهم أطلقوا القول في الإخبار عن إيمانهم من غير حرف الثنيا دل أن الإيمان مما لا يحتمل الثنيا .

وقوله تعالى : { فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا } أي اعصمنا في ما بقي من عمرنا أو وف قنا للحسنات التي نكفر سيئاتنا قد يلزم العبيد{[4757]} التفكير لما أساؤوا وقيل : المغفرة والتكفير كلاهما لأن المغفرة هو الستر وكذلك سمي الحراثون كفارا لسترهم البرز في الأرض وكذلك الكافر لستره الحق بالباطل ولستره جميع ما أنعم الله عليه بتوجيه الشكر إلى غيره والله أعلم .

وقوله تعالى : { وتوفنا مع الأبرار } يحتمل قوله : { وتوفنا مع الأبرار } توفنا اجعلنا مع الأبرار ويحتمل { وتوفنا } من الأبرار وفي الأبرار ثم اختلف في البر قيل هو الذي لا يؤذي أحدا وقيل : الأبرار الأخيار ويحتمل : { وتوفنا } على ما عليه توفيت الأبرار { وتوفنا } وإنا أ برار والبر الطاعة والتقوى ترك المعصية .


[4756]:في الأصل و م: يدعو.
[4757]:في الأصل و م: العبد.