وعورض بالآيات الدالة على العفو { ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي } تقول : سمعت رجلاً يتكلم بكذا فتوقع الفعل على الرجل وتحذف المسموع اكتفاء بما وصفته به ، أو جعلته حالاً عنه . والمنادي عند الأكثرين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم { ادع إلى سبيل ربك }[ النحل :125 ]{ أدعوا إلى الله }[ يوسف :108 ]{ وداعياً إلى الله }[ الأحزاب :46 ] وقيل : القرآن كما نسب إليه الهداية في قوله :{ إن هذا القرآن يهدي }[ الإسراء :9 ] كأنه يدعو إلى نفسه وينادي بما فيه من الدلائل كما قيل في جهنم { تدعو من أدبر وتولى }[ المعارج :17 ] والفصحاء يصفون الدهر بأنه ينادي ويعظ لدلالة تصاريفه قال :
يا واضع الميت في قبره *** خاطبك الدهر فلم تسمع
ويقال : ينادي إلى كذا ولكذا ودعاه إليه وله وهداه للطريق وإليه فيقام كل من اللام و " إلى " مقام الأخرى نظراً إلى وقوع معنى الانتهاء والاختصاص معاً .
وقال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير أي سمعنا منادياً للإيمان ينادي كما يقال : جاء مناد للأمير فنادى بكذا . وقيل : معناه لأجل الإيمان . ولهذا الغرض فسر بقوله : { أن آمنوا } و " أن " مفسرة أو مخففة معناه أي آمنوا أو بأن آمنوا . والفائدة في الجمع بين المنادى وينادي للإيمان هي فائدة الإطلاق ثم التقييد والإجمال ثم التفصيل من رفع شأن المطلق والمجمل ، وكونه حينئذٍ أوقع في النفس وأعز . { فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا } أصل الغفر والتكفير كلاهما الستر والتغطية . وأما الذنوب والسيئات فقيل : هما واحد والتكرار للتأكيد والإلحاح ، إن الله يحب الملحين في الدعاء . وقيل : الأوّل الكبائر والثاني الصغائر . وقيل : الأوّل أريد به ما تقدم منهم ، والثاني المستأنف . وقيل : الأول ما أتى به الإنسان مع العلم بكونه معصية وذنباً ، والثاني ما أتى به مع الجهل بكونه ذنباً { وتوفنا مع الأبرار } أي معدودين منهم ومن أتباعهم أو مشاركين لهم في الثواب أو على مثل أعمالهم ودرجاتهم كقول الرجل : أنا مع الشافعي في هذه المسألة أي مساوٍ له في ذلك الاعتقاد . احتجت الأشاعرة بالآية على أن العفو غير مشروط بالتوبة لأنهم طلبوا المغفرة بدون ذكر التوبة بل بدون التوبة بدلالة فاء التعقيب في { فاغفر } بعد قولهم : { آمنا } . ثم إنه تعالى أجابهم إلى ذلك بقوله : { فاستجاب لهم } ويعلم منه ثبوت شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكبائر بالطريق الأولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.