معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

قوله تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم } ، يعني : النعم كلها .

قوله تعالى : { وميثاقه الذي واثقكم به } ، عهده الذي عاهدكم به أيها المؤمنون .

قوله تعالى : { إذ قلتم سمعنا وأطعنا } . وذلك حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما أحبوا وكرهوا ، وهو قول أكثر المفسرين ، وقال مجاهد ومقاتل : يعني الميثاق الذي أخذ عليهم حين أخرجهم من صلب آدم عليه السلام .

قوله تعالى : { واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور } . بما في القلوب من خير وشر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

{ 7 ْ } { وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ْ }

يأمر تعالى عباده بذكر نعمه الدينية والدنيوية ، بقلوبهم وألسنتهم . فإن في استدامة ذكرها داعيا لشكر الله تعالى ومحبته ، وامتلاء القلب من إحسانه . وفيه زوال للعجب من النفس بالنعم الدينية ، وزيادة لفضل الله وإحسانه . و { مِيثَاقهِ ْ } أي : واذكروا ميثاقه { الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ ْ } أي : عهده الذي أخذه عليكم .

وليس المراد بذلك أنهم لفظوا ونطقوا بالعهد والميثاق ، وإنما المراد بذلك أنهم بإيمانهم بالله ورسوله قد التزموا طاعتهما ، ولهذا قال : { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ْ } أي : سمعنا ما دعوتنا به من آياتك القرآنية والكونية ، سمع فهم وإذعان وانقياد . وأطعنا ما أمرتنا به بالامتثال ، وما نهيتنا عنه بالاجتناب . وهذا شامل لجميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة .

وأن المؤمنين يذكرون في ذلك عهد الله وميثاقه عليهم ، وتكون منهم على بال ، ويحرصون على أداء ما أُمِرُوا به كاملا غير ناقص .

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ ْ } في جميع أحوالكم { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ْ } أي : بما تنطوي عليه من الأفكار والأسرار والخواطر . فاحذروا أن يطلع من قلوبكم على أمر لا يرضاه ، أو يصدر منكم ما يكرهه ، واعمروا قلوبكم بمعرفته ومحبته والنصح لعباده . فإنكم -إن كنتم كذلك- غفر لكم السيئات ، وضاعف لكم الحسنات ، لعلمه بصلاح قلوبكم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

يقول تعالى مُذكرًا عباده المؤمنين نعمتَه عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم ، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم ، وما أخذ عليهم من العهد والميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته ، والقيام بدينه وإبلاغه عنه وقبوله منه ، فقال [ تعالى ]{[9394]} { وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } وهذه هي البيعة التي كانوا يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عند إسلامهم ، كما قالوا : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، في منشطنا ومكرهنا ، وأثرةً علينا ، وألا ننازع الأمر أهله " ، وقال تعالى : { وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [ الحديد : 8 ] وقيل : هذا تذكار لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة محمد صلى الله عليه وسلم والانقياد لشرعه ، رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . وقيل : هو تذكار بما أخذ تعالى من العهد على ذرية آدم حين استخرجهم من صلبه وأشهدهم على أنفسهم : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا } [ الأعراف : 172 ] قاله مجاهد ، ومُقَاتِل بن حَيَّان . والقول الأول أظهر ، وهو المحكي عن ابن عباس ، والسُّدِّي . واختاره{[9395]} ابن جرير .

ثم قال تعالى : { وَاتَّقُوا اللَّهَ } تأكيد وتحريض على مواظبة التقوى في كل حال .

ثم أعلمهم أنه يعلم ما يتخالج في الضمائر والسرائر من الأسرار والخواطر ، فقال : { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }


[9394]:زيادة من أ.
[9395]:في ر، أ: "واختيار".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

{ واذكروا نعمة الله عليكم } بالإسلام لتذكركم المنعم وترغبكم في شكره . { وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا } يعني الميثاق الذي أخذه على المسلمين حين بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، أو ميثاقه ليلة العقبة أو بيعة الرضوان . { واتقوا الله } في إنساء نعمته ونقض ميثاقه . { إن الله عليم بذات الصدور } أي بخفياتها فيجازيكم عليها فضلا عن جليات أعمالكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

الخطاب بقوله : { واذكروا } إلى آخر الآية هو للمؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم و { نعمة الله } اسم جنس يجمع الإسلام ، وجمع الكلمة وعزة الحياة ، وغنى المال ، وحسن المآل ، هذه كلها نعم هذه الملة ، والميثاق المذكور هو ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في بيعات العقبة وبيعة الرضوان ، وكل موطن قال الناس فيه سمعنا وأطعنا ، هذا قول ابن عباس والسدي وجماعة من المفسرين . وقال مجاهد : الميثاق المذكور هو المأخوذ على الَّنسم حين استخرجوا من ظهر آدم ، والقول الأول أرجح وأليق بنمط الكلام .