إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (7)

{ واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ } بالإسلام لتُذكِّرَكم المنعِمَ وتُرغِّبَكم في شكره { وميثاقَه الذي وَاثَقَكُم بِهِ } أي عهدَه المؤكَّدَ الذي أخذه عليكم وقوله تعالى : { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } ظرفٌ ل( واثقكم به ) ، أو لمحذوفٍ وقع حالاً من الضمير المجرور في به ، أو مِنْ ميثاقه ، أي كائناً وقت قولِكم سمعنا وأطعنا ، وفائدةُ التقييدِ به تأكيدُ وجوب مراعاته بتذكر قبولهم والتزامهم بالمحافظة عليه وهو الميثاق الذي أخذه على المسلمين حين بايعهم رسولُ الله عليه الصلاة والسلام على السمع والطاعة في حال العُسر واليُسر والمنشَطِ{[160]} والمَكْره ، وقيل : هو الميثاقُ الواقعُ ليلةَ العقبة وفي بَيْعةِ الرضوان ، وإضافتُه إليه مع صدورِه عنه عليه الصلاة والسلام ، لكنّ المرجِعَ إليه كما نطق به قولُه تعالى : { إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } [ الفتح ، الآية 10 ] وقال مجاهد : هو الميثاقُ الذي أخذه الله تعالى على عباده حين أخرجهم من صُلْب آدمَ عليه السلام { واتقوا الله } أي في نِسيان نعمتِه ونقضِ ميثاقِه ، أو في كلِّ ما تأتون وما تذرون ، فيدخُل فيه ما ذُكر دخولاً أولياً { إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } أي بخفيّاتِها الملابِسةِ لها ملابَسةً تامة مصحِّحة لإطلاق الصاحبِ عليها فيجازيكم عليها ، فما ظنُّكم بجَلِيَّاتِ الأعمال ، والجُملةُ اعتراضٌ تذييليٌّ وتعليلٌ للأمر بالاتقاءِ ، وإظهارُ الاسمِ الجليل في موقعِ الإضمار لتربيةِ المهابة وتعليلِ الحُكْم وتقويةِ استقلال الجملة .


[160]:المنْشَط: الأمر الذي تنشط له وتخف إليه وتؤثر فعله، وهو ضد المَكْرَه.