معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

قوله تعالى : { كلتا الجنتين آتت } أي : أعطت كل واحدة من الجنتين ، { أكلها } ثمرها تاماً { ولم تظلم } لم تنقص { منه شيئاً وفجرنا } ، قرأ العامة بالتشديد ، قرأ يعقوب بتخفيف الجيم ، { خلالهما نهراً } يعني : شققنا وأخرجنا وسطهما نهراً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

فأخبر تعالى أن كلا من الجنتين آتت أكلها ، أي : ثمرها وزرعها ضعفين ، أي : متضاعفا { و } أنها { لم تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا } أي : لم تنقص من أكلها أدنى شيء ، ومع ذلك ، فالأنهار في جوانبهما سارحة ، كثيرة غزيرة .

{ وَكَانَ لَهُ } أي : لذلك الرجل { ثَمَرٌ } أي : عظيم كما يفيده التنكير ، أي : قد استكملت جنتاه ثمارهما ، وارجحنت أشجارهما ، ولم تعرض لهما آفة أو نقص ، فهذا غاية منتهى زينة الدنيا في الحرث ، ولهذا اغتر هذا الرجل بهما ، وتبجح وافتخر ، ونسي آخرته .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

أي : خرجت ثمرها { وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا } أي : ولم تنقص منه شيئًا { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا } أي : والأنهار تتخرق فيهما هاهنا وهاهنا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

وقوله : كِلْتا الجَنّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها يقول : كلا البستانين أطعم ثمره وما فيه من الغروس من النخل والكرم وصنوف الزرع . وقال : كلتا الجنتين ، ثم قال : آتت ، فوحّد الخبر ، لأن كلتا لا يفرد واحدتها ، وأصله كلّ ، وقد تفرد العرب كلتا أحيانا ، ويذهبون بها وهي مفردة إلى التثنية قال بعض الرّجاز في ذلك :

فِي كِلْتَ رِجْلَيْها سُلاَمي وَاحدَه *** كِلْتاهُما مَقْرُونَةٌ بِزَائِدَهْ

يريد بكلت : كلتا ، وكذلك تفعل بكلتا وكلا وكل إذا أضيفت إلى معرفة ، وجاء الفعل بعدهن ويجمع ويوحد . وقوله : ولَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا يقول : ولم تنقص من الأكل شيئا ، بل آتت ذلك تاما كاملاً ، ومنه قولهم : ظلم فلان فلانا حقّه : إذا بخَسَهُ ونقصه ، كما قال الشاعر :

تَظّلَمَنِي ما لي كَذَا وَلَوى يَدِي *** لَوَى يَدَهُ اللّهُ الّذِي هُوَ غالِبُهْ

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ولَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا : أي لم تنقص منه شيئا .

وقوله : وَفَجّرْنا خِلاَلهُما نَهَرا يقول تعالى ذكره : وَسيّلنا خلال هذين البستانين نهرا ، يعني بينها وبين أشجارهما نهرا . وقيل : وفَجّرْنا فثقل الجيم منه ، لأن التفجير في النهر كله ، وذلك أنه يميد ماء فيُسيل بعضه بعضا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

{ كلتا الجنّتين آتت أُكُلها } ثمرها ، وإفراد الضمير لإفراد { كلتا } وقرئ " كل الجنتين آتى أكله " . { ولم تظلم منه } ولم تنقص من أكلها . { شيئا } يعهد في سائر البساتين فإن الثمار تتم في عام وتنقص في عام غالبا . { وفجّرنا خلالهما نهراً } ليدوم شربهما فإنه الأصل ويزيد بهاؤهما ، وعن يعقوب " وَفَجَرْنَا " بالتخفيف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

{ كلتا } اسم دال على الإحاطة بالمثنى يفسره المضاف هو إليه ، فهو اسم مفرد دال على شيئين نظير زَوج ، ومذكره ( كلا ) . قال سيبويه : أصل كلا كِلَو وأصل كلتا كِلْوا فحذفت لام الفعل من كلتا وعُوضت التاء عن اللام المحذوفة لتدل التاء على التأنيث . ويجوز في خبر كلا وكلتا الإفراد اعتباراً للفظه وهو أفصح كما في هذه الآية . ويجوز تثنيته اعتباراً لمعناه كما في قول الفرزدق :

كِلاهما حين جدّ الجري بينهما *** قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي

و { أكْلها } قرأه الجمهور بضم الهمزة وسكون الكاف . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف بضم الهمزة وضم الكاف وهو الثمر ، وتقدم .

وجملة { كلتا الجنتين آتت أكلها } معترضة بين الجمل المتعاطفة . والمعنى : أثمرت الجنتان إثماراً كثيراً حتى أشبهت المعطي من عنده .

ومعنى { ولم تظلم منه شيئاً } لم تَنقُصْ منه ، أي من أكُلها شَيئاً ، أي لم تنقصه عن مقدار ما تُعطيه الأشجار في حال الخِصب . ففي الكلام إيجاز بحذف مضاف . والتقدير : ولم تظلم من مقدار أمثاله . واستعير الظلم للنقص على طريقة التمثيلية بتشبيه هيئة صاحب الجنتين في إتقان خَبْرِهما وترقب إثمارهما بهيئة من صار له حق في وفرة غلتها بحيث إذا لم تَأت الجنتان بما هو مترقب منهما أشبَهتا من حَرم ذَا حق حقه فظَلمه ، فاستعير الظلم لإقلال الإغلال ، واستعير نفيه للوفاء بحق الإثمار .

والتفجير تقدم عند قوله تعالى : { حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً } في سورة الإسراء ( 90 ) .

والنهَر بتحريك الهاء لغة في النَهْر بسكونها . وتقدم عند قوله تعالى : { قال إن الله مبتليكم بنهر } في سورة البقرة ( 249 ) .