النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

{ كلتا الجَنتين آتت أكلُها } أي ثمرها وزرعها ، وسماه أكُلاً لأنه مأكول .

{ ولم تظلم منه شيئاً } أي استكمل جميع ثمارها وزرعها .

{ وفجرنا خِلالهما نهراً } يعني أن فيهما أنهاراً من الماء ، فيكون ثمرها وزرعها بدوام الماء فيهما أوفى وأروى ، وهذه غاية الصفات فيما يجدي ويغل .

وفي ضرب المثل في هاتين الجنتين قولان :

أحدهما : ما حكاه مقاتل بن سليمان أنه إخبار الله تعالى عن أخوين كانا في بني إسرائيل ورثا عن أبيهما مالاً جزيلاً ، قال ابن عباس ثمانية آلاف دينار . فأخذ أحدهما حقه وهو مؤمن فتقرب به إلى الله تعالى ، وأخذ الآخر حقه منه وهو كافر فتملك به ضياعاً منها هاتان الجنتان ، ولم يتقرب إلى الله تعالى بشيء منه ، فكان من حاله ما ذكره الله من بعد ، فجعله الله تعالى مثلاً لهذه الأمة .

والقول الثاني : أنه مثل ضربه الله تعالى لهذه الأمة ، وليس بخبر عن حال متقدمة ، ليزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة ، وجعله زجراً وإنذاراً .