البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

كلتا : اسم مفرد اللفظ عند البصريين مثنى المعنى ومثنى لفظاً ، ومعنى عند البغداديين وتاؤه عند البصريين غير الجرمي بدل من واو فأصله كلوى ، والألف فيه للتأنيث وزائدة عند الجرمي ، والألف منقلبة عن أصلها ووزنها عنده فعيل .

وقرأ الجمهور { كلتا الجنتين } وفي مصحف عبد الله كلا الجنتين ، أتى بصيغة التذكير لأن تأنيث الجنتين مجازي ، ثم قرأ { آتت } فأنث لأنه ضمير مؤنث ، فصار نظير قولهم طلع الشمس وأشرقت .

وقال الفراء في قراءة ابن مسعود : كل الجنتين آتى أكله انتهى فأعاد الضمير على كل .

وقال الزمخشري : جعلها أرضاً جامعة للأقوات والفواكه ، ووصف العمارة بأنها متواصلة متشابكة لم يتوسطها ما يقطعها ويفصل بينهما مع الشكل الحسن والترتيب الأنيق ، ونعتهما بوفاء الثمار وتمام الأكل من غير نقص ثم بما هو أصل الخير ومادته من أمر الشرب ، فجعله أفضل ما يسقى به وهو السيح بالنهر الجاري فيها والأكل الثمر .

وقرأ الجمهور { وفجرّنا } بتشديد الجيم .

وقال الفراء : إنما شدد { وفجرّنا } وهو نهر واحد لأن النهر يمتد فكان التفجر فيه كله أعلم الله تعالى أن شربهما كان من نهر واحد وهو أغزر الشرب .

وقرأ الأعمش وسلام ويعقوب وعيسى بن عمر بتخفيف الجيم وكذا قرأ الأعمش في سورة القمر ، والتشديد في سورة القمر أظهر لقوله { عيوناً } وقوله هنا { نهراً } وانتصب { خلالهما } على الظرف أي وسطهما ، كان النهر يجري من داخل الجنتين .

وقرأ الجمهور { نهراً } بفتح الهاء .

وقرأ أبو السمال والفياض بن غزوان وطلحة بن سليمان بسكون الهاء .