السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا} (33)

الصفة الثالثة : قوله تعالى : { كلتا } ، أي : كل واحدة من { الجنتين } المذكورتين { آتت أكلها } ، أي : ما يطلب منها ويؤكل من ثمر وحب كاملاً غير منسوب شيء منهما إلى نقص ولا رداءة وهو بمعنى { ولم تظلم } ، أي : ولم تنقص { منه شيئاً } يعهد في سائر البساتين فإن الثمار تتم في عام وتنقص في عام غالباً والظلم النقصان تقول الرجل ظلمني حقي أي نقصني .

تنبيه : كلا اسم مفرد معرفة يؤكد به مذكران معرفتان وكلتا اسم مفرد ومعرفة يؤكد به مؤنثان معرفتان وإنما إذا أضيفا إلى المظهر كانا بالألف في الأحوال الثلاثة كقولك جاءني كلا أخويك ورأيت كلا أخويك ومررت بكلا أخويك وجاءني كلتا أختيك ورأيت كلتا أختيك ومررت بكلتا أختيك . وإذا أضيفا إلى المضمر كانا في الرفع بالألف وفي الجرّ والنصب بالياء وبعضهم يقول مع المضمر بالألف في الأحوال الثلاثة أيضاً فقوله تعالى : { آتت أكلها } حمل على اللفظ لأنّ كلتا لفظ مفرد ولو قيل آتتا على المعنى لجاز .

الصفة الرابعة : قوله تعالى : { وفجرنا خلالهما نهراً } ، أي : وسطهما وبينهما ومنه قوله تعالى : { ولأوضعوا خلالكم } [ التوبة ، 47 ] ومنه يقال : خللت القوم ، أي : دخلت القوم وذلك ليدوم شربهما ويستغنيا عن المطر عند القحط ويزيد بهاؤهما .