قوله تعالى : " كلتا الجنتين " أي كل واحدة من الجنتين ، واختلف في لفظ " كلتا وكلا " هل هو مفرد أو مثنى ، فقال أهل البصرة : هو مفرد ؛ لأن كلا وكلتا في توكيد الاثنين نظير " كل " في المجموع ، وهو اسم مفرد غير مثنى ، فإذا ولي اسما{[10530]} ظاهرا كان في الرفع والنصب والخفض على حالة واحدة ، تقول : رأيت كلا الرجلين وجاءني كلا الرجلين ومررت بكلا الرجلين ، فإذا اتصل بمضمر قلبت الألف ياء في موضع الجر والنصب ، تقول : رأيت كليهما ومررت بكليهما ، كما تقول عليهما . وقال الفراء : هو مثنى ، وهو مأخوذ من كل فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية . وكذلك كلتا للمؤنث ، ولا يكونان إلا مضافين ولا يتكلم بواحد ، ولو تكلم به لقيل : كِلْ وكِلْتَ وكِلان وكِلْتَان . واحتج بقول الشاعر :
في كِلْتِ رجليْهَا سُلاَمَى{[10531]} واحدَهْ *** كلتاهما مقرونةٌ بزائدهْ
أراد في إحدى رجليها فأفرد . وهذا القول ضعيف عند أهل البصرة ، لأنه لو كان مثنى لوجب أن تكون ألفه في النصب والجر ياء مع الاسم الظاهر ، ولأن معنى " كلا " مخالف لمعنى " كل " لأن " كلا " للإحاطة و " كلا " يدل على شيء مخصوص ، وأما هذا الشاعر فإما حذف الألف للضرورة وقدر أنها زائدة ، وما يكون ضرورة لا يجوز أن يجعل حجة ، فثبت أنه اسم مفرد كمِعَى ، إلا أنه وضع ليدل على التثنية ، كما أن قولهم " نحن " اسم مفرد يدل على اثنين فما فوقهما ، يدل على ذلك قول جرير :
كِلاَ يومي أمَامَة يومَ صَدٍّ{[10532]} *** وإن لم نأتها إلا لِمَامَا
فأخبر عن " كلا " بيوم مفرد ، كما أفرد الخبر بقوله " آتت " ولو كان مثنى لقال آتتا ، ويوما . واختلف أيضا في ألف " كلتا " ، فقال سيبويه : ألف " وكلتا " للتأنيث والتاء بدل من لام الفعل وهي واو والأصل كلوا ، وإنما أبدلت تاء لأن في التاء علم التأنيث ، والألف " في كلتا " قد تصير ياء مع المضمر فتخرج عن علم التأنيث ، فصار في إبدال الواو تاء تأكيد للتأنيث . وقال أبو عمر الجرمي : التاء ملحقة والألف لام الفعل ، وتقديرها عنده : فعتل ، ولو كان الأمر على ما زعم الجرمي : التاء ملحقة والألف لام الفعل ، وتقديرها عنده : فِعْتَلٌ ، ولو كان الأمر على ما زعم لقالوا في النسبة إليها كِلْتَوِيٌ ، فلما قالوا : كِلَوِيّ وأسقطوا التاء دل على أنهم أجروها مجرى التاء في أخت إذا نسبت إليها قلت أخوي ؛ ذكره الجوهري . قال أبو جعفر النحاس : وأجاز النحويون في غير القرآن الحمل على المعنى ، وأن تقول : كلتا الجنتين آتتا أكلهما ، لأن المعنى المختار{[10533]} كلتاهما آتتا . وأجاز الفراء : كلتا الجنتين آتى أكله ، قال : لأن المعنى كل الجنتين . قال : وفي قراءة عبدالله " كل الجنتين أتى أكله " . والمعنى على هذا عند الفراء : كل شيء من الجنتين آتي أكله . والأكل ( بضم الهمزة ) ثمر النخل والشجر . وكل ما يؤكل فهو أكل ، ومنه قوله تعالى : " أكلها دائم " {[10534]} [ الرعد : 35 ] وقد تقدم . " آتت أكلها " تاما ولذلك لم يقل آتتا . " ولم تظلم منه شيئا " أي لم تنقص .
قوله تعالى : " وفجرنا خلالهما نهرا " أي أجرينا وشققنا وسط الجنتين بنهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.