وقوله : { كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها 33 } ولم يقل : آتتا . وذلك أن ( كلتا ) ثنتان لا يُفرد واحدتهما ، وأصله كُلّ كما تقول للثلاثة : كلّ : فكان القضاء أن يكون للثنتين ما كان للجمع ، لا أن يفرد للواحدة شيء فجاز توحيده 104 ب على مذهب كلّ . وتأنيثُه جائز للتأنيث الذي ظهر في كِلْتا . وكذلك فافعل بكلتا وكِلاَ وكُلّ إذا أضفتهنّ إلى مَعرفة وجاء الفعل بعدهن ، فاجمع ووحِّد . من التوحيد قوله { وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْداً } ومن الجمع { وكُلٌّ أَتَوهُ دَاخِرِين } و ( آتوه ) مثله . وهو كثير في القرآن وَسائر الكلام . قال الشاعر :
وكلتاهما قد خُطّ لي في صَحيفتي *** فلا العَيْشُ أهواه ولا الموت أرْوح
وقد تفرِد العرب إحدى كلتا وهم يذهبون بإفرادها إلى اثنتيها ، أنشدني بعضهم .
في كِلت رجليها سُلاَمَى واحده *** كلتاهما مقرونة بزائده
والعرب تفعَل ذلك أيضاً في ( أي ) فيؤنثونَ ويذكِّرونَ ، والمعنى التأنيث ، من ذلكَ قول الله تبارك وتعالىَ { وَما تَدْرِى نَفْسٌ بِأي أَرْضٍ تَمُوتُ } ويجوز في الكلام بأيَّة أرض . ومثله { في أي صُورة } يجوز في الكلام في أيَّة صورة . وقال الشاعر :
بأي بلاء أمْ بأيَّة نعمة *** يقدَّم قبلي مُسلم والمُهَلَّب
ويجوز أيّتهُما قال ذاك . وقالت ذاكَ أجود . فتذكّر وقد أدخلت الهاء ، تتوهّم أنّ الهاء سَاقطة إذا جاز للتأنيث { بأي أرضٍ تَمُوتُ } وكذلك يجوز أن تقول للاثنتين : كلاهما وكلتاهما قال الشاعر :
كلا عقِبيه قد تشعّبَ رَأسُها *** من الضرب في جَنْبَيْ ثَفَالٍ مباشر
فإن قال قائل : إنما استجزتَ توحيد ( كلتا ) لأن الواحد منهما لا يُفرد فهل تجيز : الاثنتان قام وتوحّد ، وَالاثنان قام إذْ لم يفرَد له واحد ؟
قلت : إن الاثنين بُنيا على واحد ولم يُبن ( كِلاَ ) على واحد ، ألا ترى أن قولك : قام عبدُ الله كلُّه خطأ ، وأنك تجد معنى الاثنين على واحد كمعنى الثلاثة وزيادات العدد ، ولا يجوز إلا أن تقول : الاثنان قاما والاثنتان قامَتَا .
كُلّ الجنتين آتى أُكُله *** . . .
ومعناه كلّ شيء من ثمر الجنتين آتى أكله . ولو أراد جمع الثنتين ولم يرد كل الثمر لم يجز إلاَّ كلتاهما ، ألا تَرَى أنك لا تقول : قامت المرأتان كلهما ، لأن ( كل ) لا تصلح لإحدى المرأتين وتصلح لإحدى الجنَّتين . فقِس على هاتين كل ما يتبعِّض مما يقسم أوْ لا يُقسْم .
وقوله { وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً } يقال : كيف جَاز التَّشديد وإنما النهر واحد ؟ قلت : لأن النهر يمتدّ حتى صار التفجر كأنه فيه كلّه فالتخفيف فيه والتثقيل جائزان . ومثله { حتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً } يثقّل ويخفّف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.