معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمٗا} (111)

قوله تعالى :{ وعنت الوجوه للحي القيوم }

أي : ذلت وخضعت ، ومنه قيل للأسير : عان . وقال طلق بن حبيب : هو السجود على الجبهة للحي القيوم ، { وقد خاب من حمل ظلماً } ، قال ابن عباس : خسر من أشرك بالله ، والظلم : هو الشرك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمٗا} (111)

وينقسم الناس في ذلك الموقف قسمين : ظالمين بكفرهم وشرهم ، فهؤلاء لا ينالهم إلا الخيبة والحرمان ، والعذاب الأليم في جهنم ، وسخط الديان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمٗا} (111)

وقوله : { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ } قال ابن عباس ، وغير واحد : خضعت وذلت واستسلمت الخلائق لجبارها الحي الذي لا يموت ، القيوم : الذي لا ينام ، وهو قيم على كل شيء ، يدبره ويحفظه ، فهو الكامل في نفسه ، الذي كل شيء فقير إليه ، لا قوام له إلا به .

وقوله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } أي : يوم القيامة ، فإن الله سيؤدي كل حق إلى صاحبه ، حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء .

وفي الحديث : " يقول الله تعالى : وعزتي وجلالي ، لا يجاوزني اليوم ظلم ظالم " {[19509]} .

وفي الصحيح : " إياكم والظلم ؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " {[19510]} . والخيبة كل الخيبة من لقي الله وهو مشرك به ؛ فإن الله تعالى يقول : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ]


[19509]:في ف، أ: "الظالم".
[19510]:رواه مسلم في صحيحه برقم (2390) من حديث جابر بلفظ: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَيِّ ٱلۡقَيُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡمٗا} (111)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيّ الْقَيّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } .

يقول تعالى ذكره : استسَرّت وجوه الخلق ، واستسلمت للحيّ القيوم الذي لا يموت ، القيوم على خلقه بتدبيره إياهم ، وتصريفهم لما شاءوا . وأصل العنو الذلّ ، يقال منه : عنا وجهه لربه يعنو عنوا ، يعني خضع له وذلّ ، وكذلك قيل للأسير : عان لذلة الأسر . فأما قولهم : أخذت الشيء عنوة ، فإنه يكون وإن كان معناه يؤول إلى هذا أن يكون أخذه غلبة ، ويكون أخذه عن تسليم وطاعة ، كما قال الشاعر :

هَلْ أنْتَ مُطِيعي أيّها القَلْبُ عَنْوَةً *** ولَمْ تَلَحْ نَفْسٌ لم تلم في اخْتِيالِهَا

وقال آخر :

فَمَا أخَذُوها عَنْوَةً عَنْ مَوَدّةٍ *** وَلَكِنْ بِحَدّ المَشْرَفِي اسْتَقالَهَا

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيّ القَيّومِ " يقول : ذلّت .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيّ القَيّومِ " يعني بعنت : استسلموا لي .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ " قال : خشعت .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيْج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلحَيّ القَيّومِ " أي ذلّت الوجوه للحيّ القيوم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للحَيّ القَيّومِ " قال : ذلت الوجوه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : قال طلق : إذا سجد الرجل فقد عنا وجهه ، أو قال : عنا .

حدثني أبو حُصَين عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا عبثر ، قال : حدثنا حصين ، عن عمرو بن مرّة ، عن طلق بن حبيب ، في هذه الاَية : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيّ القَيّومِ " قال : هو وضع الرجل رأسه ويديه وأطراف قدميه .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن عمرو بن مرّة ، عن طلق بن حبيب في قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيّ القَيّومِ " قال : وهو وضعك جبهتك وكفيك وركبتيك وأطراف قدميك في السجود .

حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن حصين ، عن عمرو بن مرّة ، عن طلق بن حبيب في قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيّ القَيّومِ " قال : وضع الجبهة والأنف على الأرض .

حدثني يعقوب : قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عمرو بن مرّة ، عن طلق بن حبيب ، في قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيّ القَيّومِ " قال : هو السجود على الجبهة والراحة والركبتين والقدمين .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " وَعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيّ القَيّومِ " قال : استأسرت الوجوه للحيّ القيوم ، صاروا أسارى كلهم له . قال : والعاني : الأسير .

وقد بيّنا معنى الحيّ القيوم فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته هاهنا . وقوله : " وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْما " يقول تعالى ذكره : ولم يظفر بحاجته وطلبته من حَمل إلى موقف القيامة شركا بالله ، وكفرا به ، وعملاً بمعصيته . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : " وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْما " قال : من حمل شركا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْما " قال : من حمل شركا ، الظلم هاهنا : الشرك .