الآية 111 : [ وقوله تعالى ] {[12451]} : { وعنت الوجوه للحي القيوم } قيل { وعنت } ذلت ، وخضعت { الوجوه } . وجائز أن يكون ذكر الوجوه كناية عن أنفسهم لما بالوجوه تظهر الذلة والخضوع . فكنى بها عنهم .
فإن كان ما أخبر من خضوعهم وذلهم في الآخرة فهو على [ ما ] {[12452]} أخبر من خضوع الخلائق له في الآخرة . وإن كان بعضهم يتكبر في الدنيا ، وإن كان [ المراد ] {[12453]} في الدنيا ، فهو على خضوع الخلقة له ؛ خضعت خلقة الخلائق كلهم له .
وقوله تعالى : { للحي القيوم } قد ذكرنا تأويل الحي القيوم في ما تقدم .
وقوله تعالى : { وقد خاب من حمل ظلما } أي قد خاب من قد حمل الشرك . والظلم هاهنا الشرك . وقد خاب من حمل ما ذكر من الحمل والوزر ، وهو ما ذكر في قوله : { من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا } { خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا } [ طه : 100 و101 ] أي خاب من حمل ذلك الحمل ، والله أعلم .
وقال بعضهم في قوله : { يعلم ما بين أيديهم } من أمر الآخرة { وما خلفهم } من أمر الدنيا { ولا يحيطون به } يعني الملائكة { علما } يقول لهم : لا يعلمون من كلامه إلا ما علمهم إياه . فإن كان هذا في الملائكة خاصة فإنه لا يحتمل ما ذكرنا من التأويل في قوله : { وما خلفهم } من الشرور ، وما نبذوه وراء ظهورهم لأنهم مطيعون لله ، لا يعصونه طرفة عين ، ويحتمل غيره من التأويلات التي ذكرنا ، والله أعلم .
وقال بعضهم في قوله : { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمان } في الشفاعة { ورضي له قولا } قول : لا إله إلا الله ، مسلما في الدنيا مؤمنا حقا . فذلك الذي رضي ، والشفاعة تحل لهم . فأما غيرهم فلا يشفع [ لهم ] {[12454]} وهو ما ذكرنا في ما تقدم .
وقال بعضهم [ في قوله : { وعنت الوجوه للحي القيوم } أي عملت { الوجوه للحي القيوم } وقالوا في تأويل { وعنت } عملت أي خضعت له بالعمل في الدنيا على ما ذكر بعضهم ] {[12455]} من الركوع والسجود والقيام وغيره . وهو في المؤمنين خاصة ، ليس أن يكون تأويل قوله { وعنت } أي عملت حقيقة ، ولكن من الوجه الذي ذكرنا . وإن كان التأويل في الآخرة فهو في الفريقين جميعا ، يذلون جميعا ، ويخضعون في الآخرة ، وإن كان من بعضهم التكبر في الدنيا .
قال أبو عوسجة : قوله : { وعنت الوجوه } [ طه : 111 ] أي ذلت ؛ يقال : عنا يعنو عنوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.