قوله : وَعَنَتِ الوُجُوهُ " يقال : عَنَا يَعْنُو إذا ذلَّ وخضع وأعناه غيره أي : أذلَّه ، ومنه العُنَاة جمع عانٍ وهو الأسير ، قال :
فَيَا رُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتُ وَرَاءَهُ *** وَعَانٍ فَكَكْتُ الغُلَّ عنْهُ فَقَدْ أَبَى{[26926]}
وقال أمية بن أبي الصلت{[26927]} :
مَليكٍ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ *** لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الوُجُوهُ وَتَسْجُدُ{[26928]}
وفي الحديث " فَإنَّهُنَّ{[26929]} عَوَان " {[26930]} . والمعنى : أنَّ ذلك اليوم تُذَلُّ الوجوه أي : المكلِّفين أنفسهم ، ذكرَ " الوجوه " {[26931]} وأراد أصحاب الوجوه ، لأن قوله { وَعَنَتْ } من صفات المكلفين لا من صفات الوجوه كقوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ }{[26932]} وخص الوجوه بالذكر ، لأن الخضوع بها يبين ، وفيها يظهر{[26933]} . وتقدم تفسير " الحَيُّ القَيُّومُ " {[26934]} وروى{[26935]} أبو أمامة الباهليّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " اطلبوا اسمَ الله الأعظم في هذه السُّور الثلاث البَقَرة وآل عمران ، وطه " قال الراوي{[26936]} : فوجدنا المشترك في السور الثلاث { الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم }{[26937]} .
قوله : { وَقَدْ خَابَ } يجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة ، وأن تكون حالاً{[26938]} ، ويجوز أن يكون اعتراضاً . قال الزمخشري{[26939]} : " وَقَدْ خَابَ " وما بعده اعتراض كقولك خَابُوا وخَسِرُوا ، وكل من ظلم فهو خائِبٌ خَاسِر{[26940]} .
ومراده{[26941]} بالاعتراض هنا أنَّه خصَّ الوجوه بوجوه العصاة{[26942]} حتى تكون الجملة قد دخلت بين العُصَاة وبين { وَمَن{[26943]} يَعْمَلْ مِنَ الصالحات } فَهذَا{[26944]} عنده قسيم " وَعَنَتْ الوُجُوهُ " فلهذا كان{[26945]} اعتراضاً{[26946]} . وأما ابن عطية فجعل " الوُجُوهُ " عامة ، فلذلك جعل { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } معادلاً بقوله { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات } إلى آخره{[26947]} .
قال ابن عباس : " خَابَ " خَسِر من أشْرَكَ بالله . والظُّلمُ : الشِّرك{[26948]} قال الله تعالى { إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }{[26949]} والمراد بالخيبة : الحِرمان ، أي : حُرِم الثواب مَنْ حَمَل ظُلْماً ، أي ظلم ولم يتب{[26950]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.