معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ} (98)

قوله تعالى : { وهو الذي أنشأكم } ، خلقكم وابتدأكم .

قوله تعالى : { من نفس واحدة } ، يعني : آدم عليه السلام .

قوله تعالى : { فمستقر ومستودع } " ، قرأ ابن كثير وأهل البصرة { فمستقر } بكسر القاف ، يعني : فمنكم مستقر ومنكم مستودع ، وقرأ الآخرون بفتح القاف ، أي : فلكم مستقر ومستودع . واختلفوا في المستقر والمستودع ، قال عبد الله بن مسعود : فمستقر في الرحم إلى أن يولد ، ومستودع في القبر إلى أن يبعث . وقال سعيد بن جبير وعطاء : فمستقر في أرحام الأمهات ، ومستودع في أصلاب الآباء ، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس . قال سعيد بن جبير : قال لي ابن عباس : هل تزوجت ؟ قلت : لا .

قال : أما أنه ما كان من مستودع في ظهرك فيستخرجه الله عز وجل . وروي عن أبي أنه قال : مستقر في أصلاب الآباء ، ومستودع في أرحام الأمهات . وقيل : مستقر في الرحم ، ومستودع فوق الأرض ، قال الله تعالى : { ونقر في الأرحام ما نشاء } [ الحج :5 ] . وقال مجاهد : مستقر على ظهر الأرض في الدنيا ، ومستودع عند الله في الآخرة ، ويدل عليه قوله تعالى : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } [ البقرة :36 ] . وقال الحسن : المستقر في القبر ، والمستودع في الدنيا ، وكان يقول : يا بن آدم ، أنت وديعة في أهلك ، ويوشك أن تلحق بصاحبك . وقيل : المستودع القبر ، والمستقر الجنة والنار ، لقوله تعالى في صفة الجنة والنار : { حسنت مستقراً ومقاما } [ الفرقان :76 ] وفي صفة أهل النار { ساءت مستقراً ومقاما } [ الفرقان :66 ] .

قوله تعالى : { قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ} (98)

{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } وهو آدم عليه السلام . أنشأ الله منه هذا العنصر الآدمي ؛ الذي قد ملأ الأرض ولم يزل في زيادة ونمو ، الذي قد تفاوت في أخلاقه وخلقه ، وأوصافه تفاوتا لا يمكن ضبطه ، ولا يدرك وصفه ، وجعل الله لهم مستقرا ، أي منتهى ينتهون إليه ، وغاية يساقون إليها ، وهي دار القرار ، التي لا مستقر وراءها ، ولا نهاية فوقها ، فهذه الدار ، هي التي خلق الخلق لسكناها ، وأوجدوا في الدنيا ليسعوا في أسبابها ، التي تنشأ عليها وتعمر بها ، وأودعهم الله في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ، ثم في دار الدنيا ، ثم في البرزخ ، كل ذلك ، على وجه الوديعة ، التي لا تستقر ولا تثبت ، بل ينتقل منها حتى يوصل إلى الدار التي هي المستقر ، وأما هذه الدار ، فإنها مستودع وممر { قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } عن الله آياته ، ويفهمون عنه حججه ، وبيناته .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ} (98)

يقول تعالى : { وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } يعني : آدم عليه السلام ، كما قال : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً } [ النساء : 1 ] .

وقوله : { فَمُسْتَقَرٌ } اختلفوا في معنى ذلك ، فعن ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وقيس بن أبي حازم ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك وقتادة والسُّدِّي ، وعطاء الخراساني : { فَمُسْتَقَرٌ } أي : في الأرحام قالوا - أو : أكثرهم - : { وَمُسْتَوْدَعٌ } أي : في الأصلاب .

وعن ابن مسعود وطائفة عكس ذلك . وعن ابن مسعود أيضا وطائفة : فمستقر في الدنيا ، ومستودع حيث يموت . وقال سعيد بن جُبَيْر : { فَمُسْتَقَرٌ } في الأرحام وعلى ظهر الأرض ، وحيث يموت . وقال الحسن البصري : المستقر الذي [ قد ]{[10987]} مات فاستقر به عمله . وعن ابن مسعود : ومستودع في الدار الآخرة .

والقول الأول هو الأظهر ، والله أعلم .

وقوله : { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } أي : يفهمون ويَعُون كلام الله ومعناه .


[10987]:زيادة من أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ} (98)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَهُوَ الّذِيَ أَنشَأَكُم مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصّلْنَا الاَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وإلهكم أيها العادلون بالله غيره الّذي أنْشأكُمْ يعني : الذي ابتدأ خلقكم من غير شيء فأوجدكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ يعني : من آدم عليه السلام كما :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السّديّ : مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ قال : آدم عليه السلام .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَهُوَ الّذِي أنْشأكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ من آدم عليه السلام .

وأما قوله : مُسْتَقَرّ ومُسْتَوْدَعٌ فإن أهل التأويل في تأويله مختلفون فقال بعضهم : معنى ذلك : وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة ، فمنكم مستقرّ في الرحم ومنكم مستودع في القبر ، حتى يبعثه الله لنشر القيامة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله : يَعْلَمُ مُسْتَقَرّها ومُسْتَوْدَعَها قال : مستقرّها في الأرحام ، ومستودعها حيث تموت .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن إسماعيل ، عن إبراهيم ، عن عبد الله أنه قال : المستودع حيث تموت ، والمستقرّ : ما في الرحم .

حدثت عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن السّديّ ، عن مرّة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : المستقرّ الرحم ، والمستودع : المكان الذي تموت فيه .

حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا محمد بن فضيل وعليّ بن هاشم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن إبراهيم : يَعْلَمُ مُسْتَقَرّها ومُسْتَوْدَعَها قال : مستقرّها في الأرحام ، ومستودعها في الأرض حيث تموت فيها .

حدثنا أبو كريب وأبو السائب ، قالا : حدثنا بن إدريس ، عن ليث ، عن مِقْسِم ، قال : مستقرّها في الصلب حيث تأوي إليه ، ومستودعها حيث تموت .

وقال آخرون : المستودع : ما كان في أصلاب الاَباء ، والمستقرّ : ما كان في بطون النساء وبطون الأرض أو على ظهورها . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا بن علية ، قال : حدثنا كلثوم بن جبر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : فَمُسْتَقَرّ ومُسْتَوْدَعٌ قال : مستودَعون ما كانوا في أصلاب الرجال ، فإذا قرّوا في أرحام النساء أو على ظهر الأرض أو في بطنها ، فقد استقرّوا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا بن عطية ، عن كلثوم بن جبر ، عن سعيد بن جبير : مُسْتَقَرّ ومُسْتَوْدَعٌ قال : المستودعون : ما كانوا في أصلاب الرجال ، فإذا قرّوا في أرحام النساء أو على ظهر الأرض فقد استقروا .

حدثنا محمد بن المثنى ، ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال بن عباس : يَعْلَمُ مُسْتَقَرّها ومُسْتَوْدَعَها قال : المستودع في الصلب والمستقرّ : ما كان على وجه الأرض أو في الأرض .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : فمستقرّ في الأرض على ظهورها ومستوع عند الله . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن سمان ، عن سفيان ، عن المغيرة ، عن أبي الخير تميم بن حَذْلَم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : «المستقرّ » : الأرض ، و «المستودع » عند الرحمن .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : «المستقرّ » الأرض ، و «المستودع » : عند ربك .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن إبراهيم ، قال : عبد الله : مستقرّها في الدنيا ، ومستودعها في الاَخرة يعني : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا بن المبارك ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : «المستودع » : في الصلب ، و «المستقرّ » : في الاَخرة وعلى وجه الأرض .

وقال آخرون : معنى ذلك : فمستقرّ في الرحم ومستودع في الصلب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي الحرث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قول الله : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : مستقرّ في الرحم ، ومستودع في صلب لم يخلق وسيخلق .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن يحيى الجابر ، عن عكرمة : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : المستقر : الذي قد استقرّ في الرحم ، والمستودع : الذي قد استودع في الصلب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبي الخير تميم ، عن سعيد بن جبير ، قال بن عباس : سَلْ فقلت : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع ؟ قال : المستقرّ : في الرحم ، والمستودع : ما استودع في الصلب .

حدثنا أبو كريب وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : المستقرّ : الرحم ، والمستودع : ما كان عند ربّ العالمين مما هو خالقه ولم يخلق .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : يَعْلَمُ مُسْتَقَرّها وَمُسْتَوْدَعَها قال : المستقرّ : ما كان في الرحم مما هو حيّ ومما قد مات والمستودع : ما في الصلب .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال لي بن عباس ، وذلك قبل أن يخرج وجهي : أتزوجت يا بن جبير ؟ قال : قلت : لا ، وما أريد ذاك يومي هذا . قال : فقال : أما إنه مع ذلك سيخرج ما كان في صلبك من المستودعين .

حدثنا بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال لي ابن عباس : تزوّجتَ ؟ قلت : لا . قال : فضرب ظهري وقال : ما كان من مستودع في ظهرك سيخرج .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : المستقرّ في الأرحام ، والمستودع في الصلب لم يخلق وهو خالقه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : المستقرّ في الرحم ، والمستودع : ما استودع في أصلاب الرجال والدواب .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : المستقرّ : ما استقرّ في الرحم والمستودع : ما استودع في الصلب .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبي الخير تميم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، بنحوه .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا عبيدة بن حميد ، عن عمار الدهني ، عن رجل ، عن كريب ، قال : دعاني بن عباس ، فقال : اكتب : «بسم الله الرحمن الرحيم . من عبد الله بن عباس إلى فلان حبر تيماء سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله ، الذي لا إله إلا هو ، أما بعد » قال : فقلت : تبدؤه تقول : السلام عليك ؟ فقال : إن الله هو السلام . ثم قال : اكتب «سلام عليك ، أما بعد فحدّثني عن مستقرّ ومستودع » . قال : ثم بعثني بالكتاب إلى اليهودي ، فأعطيته إياه فلما نظر إليه قال : مرحباً بكتاب خليلي من المسلمين فذهب بي إلى بيته ، ففتح أسفاطاً له كبيرة ، فجعل يطرح تلك الأشياء لا يلتفت إليها . قال : قلت : ما شأنك ؟ قال : هذه أشياء كتبها اليهود حتى أخرج سفر موسى عليه السلام ، قال : فنظر إليه مرتّين ، فقال : المستقرّ : الرحم . قال : ثم قرأ : ونُقِرّ فِي الأرْحَام ما نَشاءُ ، وقرأ : وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرّ ومَتَاعٌ قال : مستقرّة فوق الأرض ، ومستقره في الرحم ، ومستقرّة تحت الأرض ، حتى يصير إلى الجنة أو إلى النار .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَعٌ قال : المستقرّ : ما استقرّ في أرحام النساء ، والمستودع : ما استودع في أصلاب الرجال .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن بن جريج ، عن عطاء ، قال : المستقرّ : الرحم ، والمستودع : في أصلاب الرجال .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : المستقرّ : الرحم ، والمستودع : في الأصلاب .

حدثني محمد بن عروة ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : ثني عيسى ، عن بن أبي نجيح ، عن مجاهد : فَمُسْتَقَرّ : ما استقرّ في أرحام النساء وَمُسْتَوْدَع ما كان في أصلاب الرجال .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه .

حدثنا بن حميد وابن وكيع قالا : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : المستقرّ : ما استقرّ في الرحم ، والمستودع : ما استودع في الصلب .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : المستقرّ : الرحم ، والمستودع : الصلب .

حدثنا بن وكيع ، قال : حدثنا معاذ بن معاذ ، عن ابن عون ، قال : أتينا إبراهيم عند المساء ، فأخبرونا أنه قد مات فقلنا : هل سأله أحد عن شيء ؟ قالوا : عبد الرحمن بن الأسود عن المستقرّ والمستودع فقال : المستقر في الرحم ، والمستودع : في الصلب .

حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا ابن عون ، قال : أتيتنا إبراهيم ، وقد مات ، قال : فحدثني بعضهم أن عبد الرحمن بن الأسود سأله قبل أن يموت عن المستقرّ والمستودع ، فقال المستقرّ : في الرحم ، والمستودع : في الصلب .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا بن علية ، عن ابن عون ، قال : أتينا منزل إبراهيم ، فسألنا عنه ، فقالوا : قد توفي ، وسأله عبد الرحمن بن الأسود ، فذكره نحوه .

حدثني به يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا بن علية ، عن ابن عون ، أنه بلغه أن عبد الرحمن بن الأسود سأل إبراهيم ، عن ذلك ، فذكر نحوه .

حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن العلاء بن هارون ، قال : انتهيت إلى منزل إبراهيم حين قبض ، فقلت لهم : هل سأله أحد عن شيء ، قالوا : سأله عبد الرحمن بن الأسود عن مستقرّ ومستودع ، فقال : أما المستقرّ : فما استقرّ في أرحام النساء ، والمستودع : ما في أصلاب الرجال .

حدثنا أبو كريب وأبو السائب ، قالا : حدثنا بن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد في فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : المستقرّ : الرحم ، والمستودع : الصلب .

حدثني يونس ، قال : ثني سفيان ، عن رجل حدثه عن سعيد بن جبير ، قال : قال لي بن عباس : ألا تنكح ؟ ثم قال : أنا إني أقول لك هذا وإني لأعلم أن الله مخرج من صلبك ما كان فيه مستودعاً .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : المستقر في الرحم ، والمستودع : في الصلب .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَعٌ قال : مستقر في الرحم ، ومستودع : في الصلب .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : مستقرّ : في الرحم ، ومستودع : في الصلب .

حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع أما «مستقر » : فما استقرّ في الرحم ، وأما «مستودع » في الصلب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع قال : مستقرّ في الأرحام ، ومستودع : في الأصلاب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير وأبي حمزة ، عن إبراهيم ، قالا : «مستقر ومستودع » ، المستقرّ : في الرحم ، والمستودع : في الصلب .

وقال آخرون : المستقر : في القبر ، والمستودع : في الدنيا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان الحسن يقول : مستقرّ : في القبر ، ومستودع : في الدنيا . وأوشك أن يلحق بصاحبه .

وأولى التأويلات في ذلك بالصواب ، أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه عمّ بقوله : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع كلّ خلقه الذي أنشأ من نفس واحدة مستقرّاً ومستودعاً ، ولم يخصص من ذلك معنى دون معنى . ولا شك أن من بني آدم مستقراً في الرحم ومستودعاً في الصلب ، ومنهم من هو مستقرّ على ظهر الأرض أو بطنها ومستودع في أصلاب الرجال ، ومنهم مستقرّ في القبر مستودع على ظهر الأرض ، فكلّ مستقرّ أو مستودع بمعنى من هذه المعاني فداخل في عموم قوله : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَعٌ ومراد به : إلا أن يأتي خبر يجب التسليم له بأنه معنى به معنى دون معنى وخاصّ دون عامّ .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع فقرأت ذلك عامة قراء أهل المدينة والكوفة : فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَع بمعنى : فمنهم من استقره الله في مقرّه فهو مستقرّ ، ومنهم من استودعه الله فيما استودعه فيه . وقرأ ذلك بعض أهل المدينة وبعض أهل البصرة : «فمُسْتَقِرٌ » بكسر القاف بمعنى : فمنهم من استقر فهو مستودع فيه في مقرّه فهو مستقِرّ به .

وأولى القراءتين بالصواب عندي وإن كان لكليهما عندي وجه صحيح : فمُسْتَقَرّ بمعنى : استقرّه الله في مستقرّه ، ليأتلف المعنى فيه وفي «المستودع » في أن كلّ واحد منهما لم يسمّ فاعله ، وفي إضافة الخبر بذلك إلى الله في أنه المستقرّ هذا والمستودع هذا وذلك أن الجميع مجمعون على قراءة قوله : وَمُسْتَوْدَعٌ بفتح الدال على وجه ما لم يسمّ فاعله ، فإجراء الأوّل ، أعني قوله : «فمستقرّ » عليه أشبه من عدوله عنه .

وأما قوله : قَدْ فَصّلْنَا الاَياتِ لقَوْمٍ يَفْقَهُونَ يقول تعالى : قد بينا الحجج وميزنا الأدلة والأعلام وأحكمناها لقوم يفقهون مواقع الحجج ومواضع العبر ويفهمون الاَيات والذكر ، فإنهم إذا اعتبروا بما نبهتهم عليه من إنشائي من نفس واحدة ما عاينوا من البشر وخلقي ما خلقت منها من عجائب الألوان والصور ، علموا أن ذلك من فعل من ليس له مثل ولا شرك فيشركوه في عبادتهم إياه . كما :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : قَدْ فَصّلْنا الاَياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ يقول : قد بينا الاَيات لقوم يفقهون .