تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ} (98)

الآية 98 وقوله تعالى : { وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة } فيه دلالة أنه { يبدئ ويعيد } [ البروج : 13 ] من غير شيء لأنه أخبر أنه خلق البشر كله من نفس واحدة . والخلائق كلهم لو اجتمعوا ما [ قدروا على ذلك }{[7494]} ولم تكن الخلائق بأجمعهم في تلك النفس الواحدة . دل أنه قادر على الابتداء والإعادة لا من شيء ؛ إذ لم يكن لتلك النفس التي خلق الخلائق منها تقدمة شيء .

وقوله تعالى : { فمستقر ومستودع } قال الحسن : { فمستقر } في الآخرة بعلمه الذي ختم به ؛ إن ختم بعمل الخير يبق{[7495]} أبدا في الشر . { ومستودع } في أجله ؛ ينتقل من وقت إلى وقت ومن حال إلى حال . وقيل : { فمستقر } في الدنيا ، ويشبه أن يكون { فمستقر ومستودع } في كل [ وقت . وكل حال ، هو ]{[7496]} مستقر في حال القيام حتى ينتقل إلى حال أخرى { ومستودع } في الآخرة بالجزاء لأعمالهم التي عملوا { ومستودع } في الدنيا .

ويحتمل { فمستقر } بالليالي { ومستودع } في الآخرة بالنهار ، والأول لبني آدم خاصة .

ثم قوله تعالى : { لقوم يعلمون } [ الأنعام : 97 ] وقوله تعالى { لقوم يفقهون } الفقه هو معرفة الشيء بمعناه الدال على نظيره . والعلم ما يعرف بنفسه . ولهذا لا يقال [ عن الله ]{[7497]} فقيه ، ويقال : عالم لأنه عالم بالأشياء بذاته لا باعتبارها ونظائرها ودلائلها .


[7494]:-- في الأصل وم: احتملت الأرض.
[7495]:- في الأصل وم: يبقى.
[7496]:- في الأصل: وقت كل وقت. في م: حال وكل وقت.
[7497]:- في الأصل وم: لله.