معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَّسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا} (11)

{ رسولاً } بدل من الذكر ، وقيل : أنزل إليكم قرآناً وأرسل رسولاً . وقيل : مع الرسول ، قيل : الذكر هو الرسول . وقيل : { ذكراً } أي شرفاً . ثم بين ما هو فقال :{ يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا } يعني الجنة التي لا ينقطع نعيمها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَّسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا} (11)

ثم ذكر عباده المؤمنين بما أنزل عليهم من كتابه ، الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ليخرج الخلق من ظلمات الكفر والجهل والمعصية ، إلى نور العلم والإيمان والطاعة ، فمن الناس ، من آمن به ، ومنهم من لم يؤمن [ به ] ، { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا } من الواجبات والمستحبات . { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } فيها من النعيم المقيم ، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، { خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا } [ أي : ] ومن لم يؤمن بالله ورسوله ، فأولئك أصحاب النار ، هم فيها خالدون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَّسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا} (11)

وقوله : { رَسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ } قال بعضهم : { رَسُولا } منصوب على أنه بدل اشتمال وملابسة ؛ لأن الرسول هو الذي بلغ الذكر .

وقال ابن جرير : الصواب أن الرسول ترجمة عن الذكر ، يعني تفسيرًا له ولهذا قال تعالى : { رَسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ } أي في حال كونها بينة واضحة جلية { لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } كقوله تعالى { كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } [ إبراهيم : 1 ] وقال تعالى { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } [ البقرة : 257 ] أي من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم وقد سمى الله تعالى الوحي الذي أنزله نورا لما يحصل به من الهدى كما سماه روحا لما يحصل به من حياة القلوب فقال : تعالى { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] وقوله :

قد تقدم تفسير مثل هذا غير مَرّة بما أغنى عن إعادته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَّسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا} (11)

يقول تعالى ذكره : أعدّ الله لهؤلاء القوم الذين عَتَوا عن أمر ربهم ورسله عذابا شديدا ، وذلك عذاب النار الذي أعده لهم في القيامة فاتّقُوا اللّهَ يا أُولي الألباب يقول تعالى ذكره : فخافوا الله ، واحذروا سخطه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه يا أولي العقول ، كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : فاتّقُوا اللّهَ يا أُولي الألبابِ قال : يا أولي العقول .

وقوله : وَالّذِينَ آمَنُوا يقول : الذين صدّقوا الله ورسله .

وقوله : قَدْ أنْزَلَ اللّهُ إلَيْكُمْ ذِكْرا رَسُولاً اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالذكر والرسول في هذا الموضع ، فقال بعضهم : الذكر هو القرآن ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : قَدْ أنْزَلَ اللّهُ إلَيْكُمْ ذِكْرا رَسُولاً قال : الذكر : القرآن ، والرسول : محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عزّ وجلّ : قَدْ أنْزَلَ اللّهُ إلَيْكُمْ ذِكْرا قال : القرآن روح من الله ، وقرأ : وكَذَلكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحا مِنْ أمْرِنا إلى آخر الاَية ، وقرأ : قَدْ أنْزَلَ اللّهُ إلَيْكُمْ ذِكْرا رَسُولاً قال : القرآن ، وقرأ : إنّ الّذِينَ كَفَرُوا بالذّكْرِ لمّا جاءَهُمْ قال : بالقرآن ، وقرأ : إنّا نَحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ قال : القرآن ، قال : وهو الذكر ، وهو الروح .

وقال آخرون : الذكر : هو الرسول .

والصواب من القول في ذلك أن الرسول ترجمة عن الذكر ، وذلك نصب لأنه مردود عليه على البيان عنه والترجمة .

فتأويل الكلام إذن : قد أنزل الله إليكم يا أولي الألباب ذِكرا من الله لكم يذكركم به ، وينبهكم على حظكم من الإيمان بالله ، والعمل بطاعته ، رسولاً يتلو عليكم آيات الله التي أنزلها عليه مُبَيّنات يقول : مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند الله .

يقول تعالى ذكره : قد أنزل الله إليكم أيها الناس ذكرا رسولاً ، يتلو عليكم آيات الله مبيّنات ، كي يخرج الذين صدّقوا الله ورسوله وعَمِلُوا الصّالِحاتِ يقول : وعملوا بما أمرهم الله به وأطاعوه مِنَ الظّلُماتِ إلى النّورِ يعني من الكفر وهي الظلمات ، إلى النور : يعني إلى الإيمان .

وقوله : وَمَنْ يُؤْمِنْ باللّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحا يقول : ومن يصدّق بالله ويعمل بطاعته يُدْخِلُهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ يقول : يُدخله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار خالِدِينَ فِيها أبَدا يقول : ماكثين مقيمين في البساتين التي تجري من تحتها الأنهار أبدا ، لا يموتون ، ولا يخرجون منها أبدا .

وقوله : قَدْ أحْسَنَ اللّهُ لَهُ رِزْقا يقول : قد وسع الله له في الجنات رزقا ، يعني بالرزق : ما رزقه فيها من المطاعم والمشارب ، وسائر ما أعدّ لأوليائه فيها ، فطيبه لهم .