الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{رَّسُولٗا يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ قَدۡ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزۡقًا} (11)

{ رَسُولاً } هو جبريل صلوات الله عليه : أبدل من ذكرا ، لأنه وصف بتلاوة آيات الله ، فكان إنزاله في معنى إنزال الذكر فصح إبداله منه . أو أريد بالذكر : الشرف ، من قوله : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] فأبدل منه ، كأنه في نفسه شرف : إما لأنه شرف للمنزل عليه ، وإما لأنه ذو مجد وشرف عند الله ، كقوله تعالى : { عِندَ ذِى العرش مَكِينٍ } [ التكوير : 20 ] أو جعل لكثرة ذكره لله وعبادته كأنه ذكر . أو أريد : ذا ذكر ، أي ملكاً مذكوراً في السموات وفي الأمم كلها . أو دل قوله : { أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً } [ الطلاق : 10 ] على : أرسل فكأنه قيل : أرسل رسولا ؛ أو أعمل ذكراً في رسولا إعمال المصدر في المفاعيل ، أي : أنزل الله أن ذكر رسولا أو ذكره رسولا . وقرىء : «رسول » ، على : هو رسول . أنزله { لّيُخْرِجَ الذين ءَامَنُواْ } بعد إنزاله ، أي ليحصل لهم ما هم عليه الساعة من الإيمان والعمل الصالح : لأنهم كانوا وقت إنزاله غير مؤمنين ، وإنما آمنوا بعد الإنزال والتبليغ . أو ليخرج الذين عرف منهم أنهم يؤمنون . قرىء : «يدخله » ، بالياء والنون { قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً } فيه معنى التعجب والتعظيم ، لما رزق المؤمن من الثواب .