معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المزمل

مكية وآياتها عشرون

{ بسم الله الرحمن الرحيم . يا أيها المزمل }أي الملتف بثوبه . وأصله التزمل ، أدغمت التاء في الزاي ، ومثله المدثر أدغمت التاء في الدال ، يقال : تزمل وتدثر بثوبه ، إذا تغطى به . وقال السدي : أراد يا أيها النائم قم فصل . قال الحكماء : كان هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في أول الوحي قبل تبليغ الرسالة ، ثم خوطب بعد بالنبي والرسول .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة المزمل [ وهي ] مكية

{ 1 - 11 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا * وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا * وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا }

المزمل : المتغطي بثيابه كالمدثر ، وهذا الوصف حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أكرمه الله برسالته ، وابتدأه بإنزال [ وحيه بإرسال ] جبريل إليه ، فرأى أمرا لم ير مثله ، ولا يقدر على الثبات له إلا المرسلون ، فاعتراه في ابتداء ذلك{[1258]}  انزعاج حين رأى جبريل عليه السلام ، فأتى إلى أهله ، فقال : " زملوني زملوني " وهو ترعد فرائصه ، ثم جاءه جبريل فقال : " اقرأ " فقال : " ما أنا بقارئ " فغطه حتى بلغ منه الجهد ، وهو يعالجه على القراءة ، فقرأ صلى الله عليه وسلم ، ثم ألقى الله عليه الثبات ، وتابع عليه الوحي ، حتى بلغ مبلغا ما بلغه أحد من المرسلين .

فسبحان الله ، ما أعظم التفاوت بين ابتداء نبوته ونهايتها ، ولهذا خاطبه الله بهذا الوصف الذي وجد منه في أول أمره .


[1258]:- في ب: فاعتراه عند ذلك.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة المزمل

وهي مكية

قال الحافظ أبو بكر [ أحمد ]{[1]} بن عمرو بن عبد الخالق البزار : حدثنا محمد بن موسى القطان الواسطي ، حدثنا معلى بن عبد الرحمن ، حدثنا شريك ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر قال : اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا : سموا هذا الرجل اسمًا تصدر{[2]} الناس عنه . فقالوا : كاهن . قالوا : ليس بكاهن . قالوا : مجنون قالوا : ليس بمجنون . قالوا : ساحر . قالوا : ليس بساحر . فتفرق المشركون على ذلك ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فتزمل في ثيابه وتدثر فيها . فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فقال : " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ " " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " .

ثم قال البزار : معلى بن عبد الرحمن : قد حدث عنه جماعة من أهل العلم ، واحتملوا حديثه ، لكن تفرد بأحاديث لا يتابع عليها . {[3]}

يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يترك التزمل ، وهو : التغطي في الليل ، وينهض إلى القيام لربه عز وجل ، كما قال تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [ السجدة : 16 ] وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ممتثلا ما أمره الله تعالى به من قيام الليل ، وقد كان واجبًا عليه وحده ، كما قال تعالى : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } [ الإسراء : 79 ] وهاهنا بين له مقدار ما يقوم ، فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا } ء

قال ابن عباس ، والضحاك ، والسدي : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ } يعني : يا أيها النائم . وقال قتادة : المزمل في ثيابه ، وقال إبراهيم النخعي : نزلت وهو متزمل بقطيفة .

وقال شبيب بن بِشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ } قال : يا محمد ، زُمّلتَ القرآن .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا الْمُزّمّلُ * قُمِ الْلّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً * نّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } .

يعني بقوله : يأَيّها المُزّمّلُ هو الملتفّ بثيابه . وإنما عني بذلك نبيّ الله صلى الله عليه وسلم .

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي وصف الله به نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الاَية من التزمّل ، فقال بعضهم : وصفه بأنه مُتَزمل في ثيابه ، متأهب للصلاة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يَأَيّها المُزّمّل : أي المتزمل في ثيابه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة يَأَيّها المُزّمّلُ هو الذي تزمّل بثيابه .

وقال آخرون : وصفه بأنه متزمّل النبوّة والرسالة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثني عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن عكرِمة ، في قوله : يأيّها المُزّمِلُ قُمِ اللّيْلَ إلاّ قَلِيلاً قال : زُمّلت هذا الأمر فقم به .

قال أبو جعفر : والذي هو أولى القولين بتأويل ذلك ، ما قاله قتادة ، لأنه قد عقبه بقوله : قُم اللّيْلَ فكان ذلك بيانا عن أن وصفه بالتزمّل بالثياب للصلاة ، وأن ذلك هو أظهر معنييه .