غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة المزمل مكية غير آية { إن ربك } حروفها ثمانمائة وثمانية وثمانون كلماتها مائتان وثمان وخمسون آياتها عشرون ) .

1

التفسير { المزمل } أصله المتزمل وهو الذي تزمل في ثيابه أي تلفف بها ، فأدغم التاء في الزاء ونحوه المدثر في المثر والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بالإتفاق إلا أنهم اختلفوا في سببه . فعن ابن عباس : أول ما جاءه جبرائيل عليه السلام خافه فظن أن به مساً من الجن فرجع من الجبل مرتعداً وقال : زملوني فبينا هو كذلك إذ جاءه الملك وناداه { يا أيها المزمل } فهذه السورة على هذا القول من أوائل ما نزل من القرآن قال الكلبي : إنما تزمل النبي صلى الله عليه وسلم بثيابه ليتهيأ للصلاة فأمر بأن يدوم على ذلك ويواظب عليه . ومثله عن عائشة وقد سئلت عن تزمله فقال : إنه صلى الله عليه وسلم كان تزمل مرطاً سداه شعر ولحمته وبر طوله أربع عشرة ذراعاً نصفه علي وأنا نائمة ونصفه عليه وهو يصلي . وقيل : أنه صلى الله عليه وسلم كان نائماً بالليل متزملاً في قطيفة فنودي بما يهجن تلك الحالة لأنها فعل من لا يهمه أمر ولا يعنيه شأن فأمر أن يختار على الهجود التهجد وعلى التزمل الموجب للاستثقال في النوم التشمر للعبادة ، وقال عكرمة : إشتقاقه من الزمل الحمل ومنه أزدمله أي احتمله ، والمعنى يأيها الذي احتمل أمراً عظيماً يريد أعباء النبوة ويناسبه التكليف بعده بقيام الليل . قال ابن عباس : إنه كان فريضة عليه بناء على ظاهر الأمر ثم نسخ . وقيل : كان واجباً عليه وعلى أمته في صدر الإسلام فكانوا على ذلك سنة أو عشر سنين ، ثم نسخ بالصلوات الخمس .

/خ20