هي تسع عشرة آية وقيل عشرون آية وهي مكية
قال الماوردي كلها مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . قال وقال ابن عباس وقتادة إلا آيتين منها { واصبر على ما يقولون } والتي تليها ، وقال الثعلبي إلا قوله : { إن ربك يعلم أنك تقوم } إلى آخر السورة فإنه نزل بالمدينة ، أخرج النحاس عن ابن عباس أنه قال نزلت بمكة إلا آيتين { إن ربك يعلم } الخ ، وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال نزلت يا أيها المزمل بمكة ، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله ، وعن جابر " قال اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا سموا هذا الرجل اسما تصدون الناس عنه فقالوا كاهن ، قالوا ليس بكاهن ، قالوا مجنون قالوا ليس بمجنون ، قالوا ساحر ، قالوا ليس بساحر فتفرق المشركون على ذلك . فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فتزمل في ثيابه وتدثر فيها فأتاه جبريل فقال : { يا أيها المزمل ، يا أيها المدثر } " أخرجه البراز والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل ، وقال البراز بعد إخراجه من طريق معلى بن عبد الرحمن أن معلى قد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه لكنه إذا تفرد بالأحاديث لا يتابع عليها ، وعن ابن عباس " قال بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل فصلى ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر ، فحرزت قيامه في كل ركعة بقدر يا أيها المزمل " ، أخرجه أبو داود والبيهقي في السنن .
{ يا أيها المزمل ( 1 ) قم الليل إلا قليلا ( 2 ) نصفه أو انقص منه قليلا ( 3 ) أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ( 4 ) }
{ يا أيها المزمل } أصله المتزمل فأدغمت التاء في الزاي ، والتزمل التلفف في الثوب ، وفي المصباح زملته بثوبه فتزمل مثل لففته فتلفف وزملت الشيء حملته ، ومنه قيل للبعير زاملة بالهاء للمبالغة لأنه يحمل متاع المسافر ، قرأ الجمهور بالإدغام ، وقرأ أبيّ ( المتزمل ) على الأصل وقرأ عكرمة بتخفيف الزاي ، وهذا الخطاب للبني صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد اختلف في معناه فقال جماعة إنه كان يتزمل صلى الله عليه وآله وسلم بثيابه في أول ما جاءه جبريل بالوحي فرقا منه حتى أنس به ، وقيل المعنى يا أيها المزمل بالنبوة والملتزم للرسالة ، وبهذا قال عكرمة وكان يقرأ يا أيها المزمل بتخفيف الزاي وفتح الميم المشددة اسم مفعول ، وعنه أيضا يا أيها الذي زمل هذا الأمر أي حمله ثم فتر ، وقيل المعنى يا أيها المزمل بالقرآن وقال الضحاك تزمل بثيابه لمنامه ونحوه عن قتادة ، وقيل بلغه من المشركين سوء قول فتزمل في ثيابه وتدثر ، فنزلت يا أيها المزمل ويا أيها المدثر .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سمع صوت الملك ونظر إليه أخذته الرعدة فأتى أهله وقال زملوني دثروني ، وكان خطابه صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الخطاب في أول نزول الوحي ، ثم بعد ذلك خوطب بالنبوة والرسالة ، وقال ابن عباس زملت هذا الأمر فقم به ، وعنه قال يتزمل بالثياب ، قال السهيلي ليس المزمل من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم كما ذهب إليه بعض الناس وعدوه في أسمائه صلى الله عليه وسلم ، وإنما المزمل اسم مشتق من حاله التي كان عليها حين الخطاب ، وكذلك المدثر .
وفي خطابه صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم فائدتان ( إحداهما ) الملاطفة فإن العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب وترك المعاتبة سموه باسم مشتق من حالته التي هو عليها " كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي حين غاضب فاطمة رضي الله عنها فأتاه وهو نائم وقد لصق بجنبه التراب فقال له : " قم أبا تراب " ، إشعارا له بأنه غير عاتب عليه وملاطف له . وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لحذيفة " قم يا نومان وكان نائما " ملاطفة له وإشعارا بترك العتب ، فقول الله تعال لمحمد صلى الله عليه وسلم { يا أيها المزمل } فيه تأنيس له وملاطفة ليستشعر أنه غير عاتب عليه .
والفائدة الثانية التنبيه لكل متزمل راقد ليله أن يتنبه إلى قيام الليل وذكر الله تعالى ، لأن الاسم المشتق من الفعل يشترك فيه مع المخاطب كل من عمل ذلك العمل واتصف بتلك الصفة ، ذكره الخطيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.