الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وآياتها 20 ، إلا قوله : { إن ربك يعلم } إلى آخر السورة فمدني ، وقال جماعة هي مكية كلها .

قوله عز وجل : { يا أَيُّهَا المزمل } نداءٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال السهيلي : ( المُزَّمِّلُ ) اسمٌ مشتقٌ من حالتِه التي كَانَ عليها عليه السلام حينَ الخطابِ ، وكذلكَ ( المدَّثِّرُ ) ، وفي خطابِه بهذَا الاسْمِ فائِدَتان : إحداهما : الملاطفةُ فإنَّ العربَ إذا قَصَدَتْ ملاطَفَةَ المخاطَبِ ، وتَرْكَ معاتَبَتهِ سَمَّوْهُ باسم مشتقٍ من حالتِه ، كقوله عليه السلام لعلي حين غَاضَبَ فاطمةَ : ( قُمْ أبا تُرَابٍ ) ، إشعاراً له أنه غَيْرُ عاتبٍ عليه ، وملاطَفَةً له ، والفائدة الثانية : التنبيهُ لكلِّ مُتَزَمِّلٍ راقدٍ ليلَه ؛ لينتبهَ إلى قيامِ الليل وذكرِ اللَّه فيه ، لأنَّ الاسْمَ المشتق من الفعلِ ، يَشْتَرِكُ فيه معَ المخاطَب كلُّ مَنْ عَمِلَ بذلك العملِ ، واتَّصَفَ بتلك الصفةِ ، انتهى . والتَزَمُّلُ الاِلْتِفَافُ في الثياب ، قال جمهور المفسرين وهو في البخاري وغيره : " إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا جَاءَه المَلَكُ في غار حراء وَحَاوَرَه بما حَاوَرَه به ، رَجَعَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خَدِيجَةَ فَقَال : زَمِّلُوني زَمِّلُوني ؛ فنزلت «يأيها المدثر » " وعلى هذا نزلت «يأيها المزمل » .