الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

هي مكيّة إلاّ قوله سبحانه : ) إن ربّك يعلم ( إلى آخر السورة ، وهي ثمانمائة وثمانية وثلاثون حرفاً ، ومائتان وخمس وثمانون كلمة ، وعشرون آية في الكوفي

أخبرني أبو الحسن الماوردي ، قال : حدّثنا أبو محمد بن أبي حامد ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن الحسن الأصفهاني ، قال : حدّثنا المؤمل بن إسماعيل ، قال : حدّثنا سفيان الثوري ، قال : حدّثنا أسلم المعري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابزي عن أبيه عن أُبي بن كعب ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( مَنْ قرأ سورة المزمّل رُفع عنه العسر في الدنيا والآخرة ) .

{ يأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ } المتلفف بثوبه ، وأصله المتزمل فأدغم التاء في الزاء ، ومثله يقال : تزمل وتدثر بثوبه إذا تغطى به ، وزمل غيره إذا غطّاه .

قال امرؤ القيس :كبير أُناس في بجاد مزمّل

قال أبو عبد الله الجدلي : سألت عائشة عن قوله سبحانه : { يأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ } ما كان تزميله ذلك ؟ قالت : كان مرطاً طوله أربع عشر ذراعاً نصفه عليَّ وأنا نائمة ونصفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلّي .

قال أبو عبد الله : فسألتها ما كان ؟

قالت : والله ما كان جزّاً ولا قزّاً ولا مرعزي ولا إبريسم ولا صوفاً كان سداه شعراً ولحمته وبراً .

وقال السدي : أراد يا أيها النائم قم فصلِّ . وقال عكرمة : يعني : يا أيُّها الذي زُمّل هذا الأمر أي حُمّله ، وكان يقرأ المزمّل بتخفيف الزاي وفتح الميم وتشديدها . وقالت الحكماء : إنّما خاطبه بالمزمل والمدثر في أوّل الأمر ؛ لأنّه لم يكن أدّى بعد شيئاً من تبليغ الرسالة .