معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{حَقِيقٌ عَلَىٰٓ أَن لَّآ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ قَدۡ جِئۡتُكُم بِبَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَرۡسِلۡ مَعِيَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (105)

فقال موسى : { حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق } ، أي أنا خليق بأن لا أقول على الله إلا الحق ، فتكون { على الله إلا الحق } ، فتكون على بمعنى الباء ، كما يقال : رميت بالقوس ورميت عن القوس ، وجئت على حال حسنة وبحال حسنة ، يدل عليه قراءة أبي والأعمش { حقيق بأن لا أقول ، وقال أبو عبيدة : معناه حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق ، وقرأ نافع ( عليّ ) بتشديد الياء ، أي حق واجب عليّ أن لا أقول على الله إلا الحق .

قوله تعالى : { قد جئتكم ببينة من ربكم } ، يعني العصا .

قوله تعالى : { فأرسل معي بني إسرائيل } ، أي : أطلق عنهم وخلهم يرجعون إلى الأرض المقدسة ، وكان فرعون قد استخدمهم في الأعمال الشاقة من ضرب اللبن ، ونقل التراب ونحوهما .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{حَقِيقٌ عَلَىٰٓ أَن لَّآ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ قَدۡ جِئۡتُكُم بِبَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَرۡسِلۡ مَعِيَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (105)

فإذا كان هذا شأنه ، وأنا قد اختارني واصطفاني لرسالته ، فحقيق علي أن لا أكذب عليه ، ولا أقول عليه إلا الحق . فإني لو قلت غير ذلك لعاجلني بالعقوبة ، وأخذني أخذ عزيز مقتدر .

فهذا موجب لأن ينقادوا له ويتبعوه ، خصوصا وقد جاءهم ببينة من اللّه واضحة على صحة ما جاء به من الحق ، فوجب عليهم أن يعملوا بمقصود رسالته ، ولها مقصودان عظيمان . إيمانهم به ، واتباعهم له ، وإرسال بني إسرائيل الشعب الذي فضله اللّه على العالمين ، أولاد الأنبياء ، وسلسلة يعقوب عليه السلام ، الذي موسى عليه الصلاة والسلام واحد منهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَقِيقٌ عَلَىٰٓ أَن لَّآ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ قَدۡ جِئۡتُكُم بِبَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَرۡسِلۡ مَعِيَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (105)

103

( حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق ) . .

فما كان الرسول الذي يعلم حقيقة الله ، ليقول عليه إلا الحق ، وهو يعلم قدره ؛ ويجد حقيقته - سبحانه - في نفسه . .

( قد جئتكم ببينة من ربكم ) . .

تدلكم على صدق قولي : إني رسول من رب العالمين .

وباسم تلك الحقيقة الكبيرة . . حقيقة الربوبية الشاملة للعالمين . . طلب موسى من فرعون أن يطلق معه بني إسرائيل . .

إن بني إسرائيل عبيد لله وحده ؛ فما ينبغي أن يعبدهم فرعون لنفسه ! إن الإنسان لا يخدم سيدين ، ولا يعبد إلهين . فمن كان عبداً لله ، فما يمكن أن يكون عبداً لسواه . وإذ كان فرعون إنما يعبد بني إسرائيل لهواه ؛ فقد أعلن له موسى أن رب العالمين هو الله . وإعلان هذه الحقيقة ينهي شرعية ما يزاوله فرعون من تعبيد بني إسرائيل !

إن إعلان ربوبية الله للعالمين هي بذاتها إعلان تحرير الإنسان . تحريره من الخضوع والطاعة والتبعية والعبودية لغير الله . تحريره من شرع البشر ، ومن هوى البشر ، ومن تقاليد البشر ، ومن حكم البشر .

وإعلان ربوبية الله للعالمين لا يجتمع مع خضوع أحد من العالمين لغير الله ؛ ولا يجتمع مع حاكمية أحد بشريعة من عنده للناس . . والذين يظنون أنهم مسلمون بينما هم خاضعون لشريعة من صنع البشر - أي لربوبية غير ربوبية الله - واهمون إذا ظنوا لحظة واحدة أنهم مسلمون ! إنهم لا يكونون في دين الله لحظة واحدة وحاكمهم غير الله ، وقانونهم غير شريعة الله . إنما هم في دين حاكمهم ذاك . في دين الملك لا في دين الله !

وعلى هذه الحقيقة أمر موسى - عليه السلام - أن يبني طلبه من فرعون إطلاق بني إسرائيل :

( يا فرعون إني رسول من رب العالمين ) . . . ( فأرسل معي بني إسرائيل ) . . .

مقدمة ونتيجة . . تتلازمان ولا تفترقان . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{حَقِيقٌ عَلَىٰٓ أَن لَّآ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ قَدۡ جِئۡتُكُم بِبَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَرۡسِلۡ مَعِيَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (105)

{ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ } فقال بعضهم : معناه : حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق ، أي : جدير بذلك وحري به .

وقالوا و " الباء " و " على " يتعاقبان ، فيقال{[11994]} رميت بالقوس " و " على القوس " ، و " جاء على حال حسنة " و " بحال حسنة " .

وقال بعض المفسرين : معناه : حريص على ألا أقول على الله إلا الحق .

وقرأ آخرون من أهل المدينة : { حَقِيقٌ عَلَيّ } بمعنى : واجب وحق عَلَيّ ذلك ألا أخبر عنه إلا بما هو حق وصدق ، لما أعلم من عز جلاله وعظيم سلطانه .

{ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } أي : بحجة قاطعة من الله ، أعطانيها دليلا على صدقي فيما{[11995]} جئتكم به ، { فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } أي : أطلقهم من أسْرك وقهرك ، ودعهم وعبادة ربك وربهم ؛ فإنهم من سلالة نبي كريم إسرائيل ، وهو : يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن [ عليهم صلوات الرحمن ]{[11996]}


[11994]:في م: "يقال"، وفي أ: "فيقول".
[11995]:في د: "ما".
[11996]:زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{حَقِيقٌ عَلَىٰٓ أَن لَّآ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ قَدۡ جِئۡتُكُم بِبَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَرۡسِلۡ مَعِيَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (105)

وقوله : { حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق } لعله جواب لتكذيبه إياه في دعوى الرسالة ، وإنما لم يذكر لدلالة قوله { فظلموا بها } عليه وكان أصله { حقيق عليّ أن لا أقول } كما قرأ نافع فقلب لا من الإلباس كقوله : وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر . أو لأن ما لزمك فقد لزمته ، أو للإغراق في الوصف بالصدق ، والمعنى أنه حق واجب على القول الحق أن أكون أنا قائله لا يرضى إلا بمثلي ناطقا به ، أو ضمن حقيق معنى حريص ، أو وضع على مكان الباء لإفادة التمكن كقولهم : رميت على القوس وجئت على حال حسنة ، ويؤيده قراءة أبي بالباء . وقرئ " حقيق أن لا أقول " بدون { على } . { قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل } فخلهم حتى يرجعوا معي إلى الأرض المقدسة التي هي وطن آبائهم ، وكان قد استعبدهم واستخدمهم في الأعمال .