غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{حَقِيقٌ عَلَىٰٓ أَن لَّآ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ قَدۡ جِئۡتُكُم بِبَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَرۡسِلۡ مَعِيَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (105)

103

{ حقيق على أن لا أقول } من قرأ بالتشديد في { عليّ } و{ حقيق } إما بمعنى فاعل أي واجب عليّ ترك القول على الله إلا بالحق ، أو بمعنى مفعول أي حق عليّ ذلك . تقول العرب إني لمحقوق علي أن أفعل خيراً . وأما قراءة العامة { حقيق علي أن لا أقول } مرسلة الياء ففيه وجوه أحدها : أن يكون «علي » بمعنى «الباء » كقولهم جئت على حال حسنة وبحال حسنة ، قال الأخفش : وهذا كما قال { ولا تقعدوا بكل صراط } [ الأعراف : 86 ] أي على كل صراط ويؤكد هذا الوجه قراءة أبيّ { حقيق بأن لا أقول } أي أنا خليق بذلك : وثانيها : أن الحق هو الدائم الثابت والحقيق مبالغة فيه ، وكل ما لزمك فقد لزمته فكأن المعنى أنا ثابت مستمر على أن لا أقول إلا الحق . ثالثها : أن يضمن حقيق معنى حريص . ورابعها : أن يكون من القلب الذي يشجع عليه أمن الإلباس فيؤل المعنى إلى قراءة نافع . وخامسها : أن يكون إغراقاً في الوصف ومبالغة بالصدق والمراد أنا حقيق على قول الحق أي واجب عليّ أن أكون أنا قائله والقائم به ولا يرضى إلا بمثلي ناطقاً به . وسادسها : أن يكون على هذه هي التي تقرن بالأوصاف اللازمة الأصلية كقوله تعالى { فطرة الله التي فطر الناس عليها } [ الروم : 30 ] ويقال : جاءني فلان على هيئته وعلى عادته وعرفته وتحققته على كذا وكذا من الصفات . فمعنى الآية لم أتحقق إلا على قول الحق . ولما كان ظهور المعجزة على وفق الدعوى دالاً على وجود الإله القادر المختار وعلى تصديق الرسول جميعاً قال { قد جئتكم ببينة من ربكم } أي بمعجزة قاهرة باهرة منه . ثم فرع عليه تبليغ الحكم وهو قوله { فأرسل معي بني إسرائيل } أي أطلقهم وخل سبيلهم حتى يذهبوا معي راجعين إلى الأرض المقدسة التي هي وطنهم ومولد آبائهم . وذلك أن يوسف عليه السلام لما توفي وانقرضت الأسباط غلب فرعون نسلهم واستعبدهم واستخدمهم في الأعمال الشاقة .

/خ156