معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ يَهۡدِيهِمۡ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمۡۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (9)

قوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم } ، فيه إضمار ، أي : يرشدهم ربهم بإيمانهم إلى جنة ، { تجري من تحتهم الأنهار } . قال مجاهد : يهديهم عل الصراط إلى الجنة ، يجعل لهم نورا يمشون به . وقيل : { يهديهم } معناه يثيبهم ويجزيهم . وقيل : معناه بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه ، أي : بتصديقهم هداهم { تجري من تحتهم الأنهار } أي : بين أيديهم كقوله عز وجل : { قد جعل ربك تحتك سرياً } [ مريم-24 ] لم يرد به أنه تحتها وهي قاعدة عليه ، بل أراد بين يديها . وقيل : تجري من تحتهم أي : بأمرهم . { { في جنات النعيم }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ يَهۡدِيهِمۡ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمۡۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (9)

فلما ذكر عقابهم ذكر ثواب المطيعين فقال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }

يقول تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي : جمعوا بين الإيمان ، والقيام بموجبه ومقتضاه من الأعمال الصالحة ، المشتملة على أعمال القلوب وأعمال الجوارح ، على وجه الإخلاص والمتابعة .

{ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } أي : بسبب ما معهم من الإيمان ، يثيبهم الله أعظم الثواب ، وهو الهداية ، فيعلمهم ما ينفعهم ، ويمن عليهم بالأعمال الناشئة عن الهداية ، ويهديهم للنظر في آياته ، ويهديهم في هذه الدار إلى الصراط المستقيم وفي الصراط المستقيم ، وفي دار الجزاء إلى الصراط الموصل إلى جنات النعيم ، ولهذا قال : { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ } الجارية على الدوام { فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } أضافها الله إلى النعيم ، لاشتمالها على النعيم التام ، نعيم القلب بالفرح والسرور ، والبهجة والحبور ، ورؤية الرحمن وسماع كلامه ، والاغتباط برضاه وقربه ، ولقاء الأحبة والإخوان ، والتمتع بالاجتماع بهم ، وسماع الأصوات المطربات ، والنغمات المشجيات ، والمناظر المفرحات . ونعيم البدن بأنواع المآكل والمشارب ، والمناكح ونحو ذلك ، مما لا تعلمه النفوس ، ولا خطر ببال أحد ، أو قدر أن يصفه الواصفون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ يَهۡدِيهِمۡ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمۡۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (9)

وفي الضفة الأخرى الذين آمنوا وعملوا الصالحات . الذين آمنوا فأدركوا أن هناك ما هو أعلى من هذه الحياة الدنيا ، وعملوا الصالحات بمقتضى هذا الإيمان ، تحقيقا لأمر الله بعمل الصالحات ، وانتظارا للآخرة الطيبة . . وطريقها هو الصالحات . . هؤلاء .

( يهديهم ربهم بإيمانهم ) . .

يهديهم إلى الصالحات بسبب هذا الإيمان الذي يصل ما بينهم وبين الله ، ويفتح بصائرهم على استقامة الطريق ، ويهديهم إلى الخير بوحي من حساسية الضمير وتقواه . . هؤلاء يدخلون الجنة .

( تجري من تحتهم الأنهار ) . .

وما يزال الماء ولن يزال يوحي بالخصب والري والنماء والحياة . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ يَهۡدِيهِمۡ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمۡۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (9)

وهذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ، وامتثلوا ما أمروا ، به فعملوا الصالحات ، بأنه سيهديهم بإيمانهم .

يحتمل أن تكون " الباء " هاهنا سببية فتقديره : بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة

على الصراط ، حتى يجوزوه ويخلصُوا إلى الجنة . ويحتمل أن تكون للاستعانة ، كما قال مجاهد في قوله : { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } قال : [ يكون لهم نورا يمشون به ]{[14072]} . وقال ابن جُرَيْج في [ قوله : { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } قال ]{[14073]} : يمثُل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره ، يعارض صاحبه ويبشره بكل خير ، فيقول له : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك . فيجعل{[14074]} له نورا . من بين يديه حتى يدخله{[14075]} الجنة ، فذلك قوله تعالى : { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } والكافر يَمْثُلُ له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيلازم صاحبه ويلازُّه{[14076]} حتى يقذفه في النار .

وروي نحوه عن قتادة مرسلا فالله أعلم .


[14072]:- زيادة من ت ، أ.
[14073]:- زيادة من ت ، أ ، وفي هـ : "الآية".
[14074]:- في ت : "فنجعل".
[14075]:- في ت : "يدخل".
[14076]:- في ت : "ويلاده".