الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ يَهۡدِيهِمۡ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمۡۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (9)

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } فيه إضمار واختصار أي يهديهم ربهم بإيمانهم إلى مكان { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ } قال أبو روق : يهديهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة ، قال عطية : يهديهم ويثيبهم ويجزيهم ، وقيل ينجيهم .

مجاهد ومقاتل : يهديهم بالنور على الصراط إلى الجنة يجعل لهم نوراً يمشون به . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمن إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة [ حسنة وبشارة حسنة ] فيقول له . من أنت فو الله أني لأراك أمرء صدق ؟ فيقول له : أنا عملك ، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة ، والكافر إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيقول : من أنت فوالله إني لأراك امرء سوء ؟ فيقول : أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار . "

وقيل : معنى الآية : بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه أي بتصديقهم هداهم تجري من تحتهم الأنهار لم يرد أنها تجري تحتهم وهم فوقها ، لأن أنهار الجنة تجري من غير أخاديد . وإنما معناه أنها تجري من دونهم وبين أيديهم وتحت أمرهم كقوله تعالى :

{ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } [ مريم : 24 ] ومعلوم أنه لم يجعل السري تحتها وهي عليه قاعدة وإنما أراد به بين يديها ، وكقوله تعالى مخبراً عن فرعون :

{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي } [ الزخرف : 51 ] ، أو من دوني وتحت أمري { فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ *