نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ يَهۡدِيهِمۡ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمۡۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (9)

ولما انقضى هذا القسم حالاً ومآلاً ، أتبعه سبحانه القسم الآخر بقوله مؤكداً لإنكار الكفار هدايتهم : { إن الذين آمنوا } أي أوجدوا هذا الوصف بما لهم من القوة النظرية التي كمالها معرفة الأشياء وسلطانها معرفة الله تعالى { وعملوا } أي وصدقوا دعواهم الإيمان بأن عملوا { الصالحات } بالقوة العملية التي سلطانها{[37659]} عبودية الله تعالى ، والصالح : ما جاء بالحث عليه الأنبياء عليهم السلام { يهديهم } أي على سبيل التجدد والاستمرار { ربهم } أي المحسن إليهم { بإيمانهم } أي بسبب تصديقهم وإذعانهم لمعرفة الآيات التي غفل عنها الذين يأملون البقاء ولا يرجون اللقاء ، فقادتهم إلى دار السلام ، وهذا كما كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم بعد إسلامهم يشتد تعجبهم مما كان{[37660]} من تباطئهم عن الإسلام ، وكما ترى أنك تخنق على بعض الكملة{[37661]} فلا يدعك حظ النفس ترى له حسنة ، ثم إنك قد ترضى عنه فتراه كله محاسن .

ولما ذكر أن مآل القسم الأول النار ، ذكر مآل هذا القسم في معرض سؤال من يقول : ماذا تورثهم هدايتهم ؟ فقيل له : { تجري } وأشار إلى {[37662]}قرب منال{[37663]} المياه وانكشافها عن كل ما ينتفع به في غير ذلك بإثبات{[37664]} الجار فقال : { من تحتهم } أي تحت غرفهم وأسرّتهم وغير ذلك من مشتهياتهم كقوله{[37665]} تعالى

{ قد جعل ربك تحتك سرياً } [ مريم : 24 ] وكذا قول فرعون{ وهذه الأنهار تجري من تحتي } [ الزخرف : 51 ] { الأنهار } كائنين { في جنّات النعيم } أي التي ليس فيها من غيره{[37666]} .


[37659]:في ظ: سلطانه.
[37660]:زيد من ظ.
[37661]:في ظ: الكلمة.
[37662]:في ظ: أقرب مال ـ كذا.
[37663]:في ظ: أقرب مال ـ كذا.
[37664]:في ظ: بإتيان.
[37665]:من ظ، وفي الأصل: لقوله.
[37666]:زيد من ظ.