وأما حال الذين يؤمنون به فقد بينه سبحانه بقوله { إن الذين آمنوا } أي فعلوا الإيمان الذي طلبه الله منهم بسبب ما وقع منهم من التفكر والاعتبار فيما تقدم ذكره من الآيات { وعملوا الصالحات } التي يقتضيها الإيمان وهي ما شرعه الله لعباده المؤمنين { يهديهم ربهم بإيمانهم } أي يرزقهم الهداية بسبب هذا الإيمان المضموم إليه العمل الصالح فيصلون بذلك إلى الجنة .
وعبارة أبي السعود يهديهم بسبب إيمانهم إلى مأواهم ومقصدهم وهي الجنة وإنما لم تذكر تعويلا على ظهورها وانسياق النفس إليها . قال القاضي : ومفهوم الترتيب وإن دل على أن سبب الهداية هو الإيمان والعمل الصالح لكن دل منطوق قوله بإيمانهم على استقلال الإيمان بالسببية وأن العمل الصالح كالتتمة والرديف له : انتهى .
وهذا رد لما في الكشاف من أن الآية دلت على أن المعتبر في الهداية إلى الجنة هو المقيد بالعمل الصالح لا المطلق قال الخفاجي وقد رد هذا بأن الجمع بين العمل الصالح والإيمان ظاهر في أنها السبب والتصريح بسببية الإيمان المضاف إلى الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالتنصيص على أنه ذلك الإيمان المقرون بما معه لا المطلق لكنه ذكر لأصالته وزيادة شرفه فلا استدراك ولا دلالة على استقلاله ثم إن النزاع إنما هو في سبب الهداية إلى طريق الجنة لا إلى الاستقامة على سلوك السبيل المؤدي إلى الثواب وأن من لا يكون مهتديا إلى الجنة لا يدخل الجنة مطلقا ومنعه مكابرة فتدبر 1 ه .
وعبارة أبي السعود : وفي النظم الكريم إشعار بأن مجرد الإيمان والعمل الصالح لا يكفي في الوصول إلى الجنة بل لا بد بعد ذلك من الهداية الربانية وأن الكفر والمعاصي كافية في دخول النار ، ثم إنه لا نزاع في أن المراد بالإيمان الذي جعل سببا لتلك الهداية هو إيمانهم الخاص المشفوع بالأعمال الصالحة لا الإيمان المجرد عنها ولا ما هو أعم منهما إلا أن ذلك بمعزل عن الدلالة على خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان الخالي عن العمل الصالح يفضي إلى الجنة في الجملة ولا يخلد صاحبه في النار ، فإن منطوق الآية الكريمة أن الإيمان المقرون بالعمل الصالح سبب للهداية إلى الجنة ، وأما أن كل ما هو سبب لها يجب أن يكون كذلك فلا دلالة لها ولا لغيرها عليه قطعا ، كيف لا وقوله عز وجل { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } مناد بخلافه فإن المراد بالظلم هو الشرك كما أطبق عليه المفسرون والمعنى لم يخلطوا إيمانهم بشرك .
ولئن حمل على ظاهره أيضا يدخل في الاهتداء من آمن ولم يعمل صالحا ثم مات قبل أن يظلم بفعل حرام أو بترك واجب 1ه
وقال النسفي في المدارك : وهذا دليل على أن الإيمان المجرد منج حيث قال : بإيمانهم ولم يضم إليه العمل الصالح .
ولفظ الخازن والمهايمي بإيمانهم وبأعمالهم وقال الصاوي ، أي وبسبب أعمالهم أيضا ، فالإيمان والأعمال الصالحة سببان موصلان لدار السعادة أو المراد بالإيمان الكامل ليشمل الأعمال والمسألة من المعارك ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات .
{ تجري من تحتهم الأنهار } مستأنفة أو خبر ثان لأن أو في محل النصب على الحال والمعنى من تحت بساتينهم أو من بين أيديهم لأنهم على سرر مرفوعة { في جنات النعيم } خبر آخر أو حال أخرى منه أو من الأنهار أو متعلق بتجري .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.