معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا} (38)

{ يوم يقوم الروح } أي : في ذلك اليوم ، { والملائكة صفاً } واختلفوا في هذا الروح ، قال الشعبي والضحاك : هو جبريل . وقال عطاء عن ابن عباس : { الروح } ملك من الملائكة ما خلق الله مخلوقاً أعظم منه ، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفاً وقامت الملائكة كلهم صفاً واحداً ، فيكون عظم خلقه مثلهم . وعن ابن مسعود قال : الروح ملك أعظم من السماوات ومن الجبال ، ومن الملائكة وهو في السماء الرابعة ، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة ، يخلق الله من كل تسبيحة ملكا يجيء يوم القيامة صفاً وحده . وقال مجاهد ، وقتادة ، وأبو صالح : { الروح } خلق على صورة بني آدم ليسوا بناس يقومون صفاً والملائكة صفاً ، هؤلاء جند وهؤلاء جند . وروى مجاهد عن ابن عباس قال : هم خلق على صورة بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلا معه واحد منهم . وقال الحسن : هم بنو آدم . ورواه قتادة عن ابن عباس ، وقال : هذا مما كان يكتمه ابن عباس . { والملائكة صفاً } قال الشعبي : هما سماطا رب العالمين ، يوم يقوم سماط من الروح وسماط من الملائكة . { لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً } في الدنيا ، أي حقاً . وقيل : قال : لا إله إلا الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا} (38)

فلا يتكلم أحد إلا بهذين الشرطين : أن يأذن الله له في الكلام ، وأن يكون ما تكلم به صوابا ، لأن { ذَلِكَ الْيَوْمُ } هو { الْحَقُّ } الذي لا يروج فيه الباطل ، ولا ينفع فيه الكذب ، وفي ذلك اليوم { يَقُومُ الرُّوحُ } وهو جبريل عليه السلام ، الذي هو أشرف الملائكة{[1345]} { وَالْمَلَائِكَةِ } [ أيضا يقوم الجميع ]

{ صَفًّا } خاضعين لله { لَا يَتَكَلَّمُونَ } إلا بما أذن لهم الله به{[1346]} .


[1345]:- في ب: أفضل الملائكة.
[1346]:- في ب: إلا بإذنه.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا} (38)

يوم يقف جبريل - عليه السلام - والملائكة الآخرون ( صفا لا يتكلمون ) . . إلا بإذن من الرحمن حيث يكون القول صوابا . فما يأذن الرحمن به إلا وقد علم أنه صواب .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا} (38)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ"، اختلف أهل العلم في معنى الروح في هذا الموضع؛

فقال بعضهم: هو مَلك من أعظم الملائكة خَلْقا...

وقال آخرون: هو جبريل عليه السلام...

وقال آخرون: خَلْق من خلق الله في صورة بني آدم...

وقال آخرون: هم بنو آدم...

وقال آخرون: قيل: ذلك أرواح بني آدم...

وقال آخرون: هو القرآن...

والصواب من القول أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ خَلْقه لا يملكون منه خطابا، يوم يقوم الرّوح، والرّوح: خَلْق من خلقه. وجائز أن يكون بعض هذه الأشياء التي ذكرت، والله أعلم أيّ ذلك هو؟ ولا خبر بشيء من ذلك أنه المعنيّ به دون غيره، يجب التسليم له، ولا حجة تدلّ عليه، وغير ضائر الجهل به...

وقوله: "لا يَتَكَلّمُونَ إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ "قيل: إنهم يُؤْذَن لهم في الكلام، حين يُؤْمَر بأهل النار إلى النار، وبأهل الجنة إلى الجنة...

وقال آخرون: "إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحمنُ" بالتوحيد "وَقالَ صَوَابا" في الدنيا، فوحّد الله... عن مجاهد وَقالَ صَوَابا قال حقا في الدنيا، وعمل به...

عن أبي صالح في قوله: "إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ، وَقالَ صَوَابا" قال: لا إله إلا الله...

والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن خلقه أنهم لا يتكلمون يوم يقوم الروح والملائكة صفا، إلا من أذن له منهم في الكلام الرحمن، وقال صوابا، فالواجب أن يقال كما أخبر إذ لم يخبرنا في كتابه، ولا على لسان رسوله، أنه عَنَى بذلك نوعا من أنواع الصواب، والظاهر محتمل جميعه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

اختلف في الروح؛ فمنهم من قال: هو جبريل عليه السلام، ومنهم من صرفه إلى أرواح المسلمين، ومنهم من ذكر أنهم الحفظة على الملائكة، يرون الملائكة، ولا يراهم الناس. وجائز أن يكون الروح الكتب المنزلة من السماء كما قال: {ينزل الملائكة بالروح من أمره} [النحل: 2] فتكون الكتب مخاصمة مع من ضيع حقها، أو نبذها وراء ظهره، وشافعا لمن أدى حقها، وعمل بما فيها. ومنهم من ذكر أن هذا من المكتوم الذي لا يفسر...

{لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا} جائز أن يكون هذا منصرفا إلى الشافع أي الشافع لا يقول في ما يشفع غير الصواب، وما حل به من الرهبة والخوف من هيبة الله تعالى لا يزيله عن التكلم بالحق بل الله تعالى يثبته على الحق، ويجري على لسانه الصواب. قال بعضهم: معناه: لا يشفع إلا من قال في الدنيا صوابا، وهو الحق، وقيل: معناه: أنه لا ينال من الشفاعة حظا إلا من قال في الدنيا الصواب؛ والصواب أن يكون مقيما في ما دان به من التوحيد...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

و {يَوْمَ يَقُومُ} متعلق بلا يملكون، أو بلا يتكلمون. والمعنى: إنّ الذين هم أفضل الخلائق وأشرفهم وأكثرهم طاعة وأقربهم منه وهم الروح والملائكة لا يملكون التكلم بين يديه، فما ظنك بمن عداهم من أهل السموات والأرض؟...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يوم يقوم الروح}... {والملائكة} أي كلهم، ونبه بالاصطفاف على شدة الأمر فقال: {صفاً} للقاء ما في ذلك اليوم من شدائد الأهوال ولحفظ الثقلين وهم في وسط دائرة صفهم من الموج والاضطراب لعظيم ما هم فيه، ثم زاد الأمر عظماً بذكر العامل في لا يوم فقال: {لا يتكلمون} أي من تقدم كلهم بأجمعهم فيه بكلمة واحدة مطلق كلام خطاباً كان أي في أمر عظيم أو لا، لا له سبحانه ولا لغيره أصلاً ولا- أحد منهم، ويجوز أن يكون هذا حالاً لهؤلاء الخواص فيكون الضمير لهم فغيرهم بطريق الأولى {إلا من أذن له} أي في الكلام إذناً خاصاً {الرحمن} أي الملك الذي لا تكون نعمه على أحد من خلقه إلا منه {وقال صواباً} فإن لم يحصل الأمر إن لم يقع الكلام من أحد منهم أصلاً، وهذا كالدليل على آية الخطاب بأنه إذا كان الروح والقريب منه بهذه المثابة في حال كل من حضره كان أحوج ما يكون إلى الكلام فما الظن بغيرهم؟ وهم في غيره كذلك بطريق الأولى وغيرهم فيه وفي غيره من باب الأولى، وأما في الدنيا فإنه وإن كان لا يتكلم أحد إلا بإذنه لكنه قد يتكلم بالخطأ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والقيام: الوقوف وهو حالة الاستعداد للعمل الجِد وهو من أحوال العبودية الحق التي لا تُستحق إلا لله تعالى... والصف اسم للأشياء الكائنة في مكان يجانبُ بعضُها بعضاً كالخط...

. والإذن: اسم للكلام الذي يفيد إباحةَ فعل للمأذون، وهو مشتق من: أَذِن له، إذا استمع إليه...

.ومتعلق {أذن} محذوف دل عليه {لا يتكلمون}، أي من أذن له في الكلام. ومعنى أذْن الرحمان: أن من يريد التكلم لا يستطيعُه أو تعتريه رهبة فلا يُقدم على الكلام حتى يستأذن الله فيأذن له...

{وقال صواباً} مستعمل في معنى المضارع، أي ويقول صواباً، فعبر عنه بالماضي لإفادة تحقق ذلك، أي في علم الله. وإطلاق صفة {الرحمن} على مقام الجَلالة إيماء إلى أن إذن الله لمن يتكلم في الكلام أثر من آثار رحمته لأنه أذن فيما يحصل به نفع لأهل المحشر من شفاعة أو استغفار...