قوله تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ الروح } . منصوب على الظرف ، إمَّا ب «لا يَتكلَّمُونَ » بعده ، وإمَّا ب «لا يَمْلِكُونَ » و«صفًّاً » حال : أي : مُصطفِّيْنَ ، و«لاَ يَتَكلَّمُونَ » إمَّا حال أو مستأنف .
فقال ابن عباس : هو ملك ما خلق الله بعد العرش أعظم منه ، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفًّا ، وقام الملائكة كلهم صفًّا{[59184]} ، ونحوه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : الرُّوح ملك أعظم من السموات السبع والأرضين السبع والجبال{[59185]} .
وقيل : جبريل - عليه الصلاة والسلام - قاله الشعبي والضحاك وسعيد بن جبير{[59186]} .
وروى عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : «الرُّوحُ في هَذِهِ الآيةِ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللهِ لَيْسُوا مَلائِكةً لَهُمْ رُءوسٌ وأيْدٍ وأرْجُلٌ يَأكُلونَ الطَّعام ، ثُمَّ قَرَأَ : { يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً }{[59187]} ، وهذا قول أبي صالح ، ومجاهد ، وعلي - رضي الله عنهم - وعلى هذا هو خلقٌ على صورة بني آدم كالناس ، وليسوا بناس ، وما ينزل من السماء ملك إلاَّ ومعه واحد منهم ، نقله البغوي{[59188]} .
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - «هُمْ أرْواحُ النَّاسِ »{[59189]} .
وقال مقاتل بن حيان : هُمْ أشراف الملائكة{[59190]} .
وقال ابن أبي نجيحٍ : هم حفظة على الملائكة{[59191]} .
وقال الحسن وقتادة : هم بنو آدم{[59192]} ، والمعنى : ذو الروح .
وقال العوفي ، والقرظي : هذا ممَّا كان يكتمه ابن عباس .
وقيل : أرواح بني آدم تقومُ صفًّا ، فتقومُ الملائكةُ صفًّا ، وذلك بين النَّفختين قبل أن تردُّ إلى الأجسادِ . قاله عطية .
وقال زيد بن أسلم : هو القرآن .
وقرأ : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] ، و{ صَفّاً } مصدر ؛ أي : يقومون صفوفاً ، والمصدر يغني عن الواحد والجمع كالعدل ، والصوم ، ويقال ليوم العيد : يوم الصف .
وقال في موضع آخر سبحانه : { وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً } [ الفجر : 22 ] ، وهذا يدل على الصفوف ، وهذا حين العرض والحساب ، قيل : هما صفان .
وقيل : يقوم الكلُّ صفًّا واحداً ، «لا يتَكلَّمُونَ » أي : لا يشفعون .
قوله : { إِلاَّ مَنْ أَذِنَ } يجوز أن يكون بدلاً من «واو » يتكلَّمون ، وهو الأرجح ، لكونه غير موجب ، وأن يكون منصوباً على أصل الاستثناء .
والمعنى : لا يشفعون إلاَّ من أذن لهُ الرحمن في الشفاعة .
وقيل : لا يتكلمون إلا في حقِّ من أذنَ له الرحمنُ ، وقال صواباً .
والمعنى : لا يشفعون إلاَّ في حقِّ شخصٍ أذن الرحمن في شفاعته ، وذاك الشخص كان ممن قال صواباً ، والمعنى قال صواباً ، يعنى : «حقًّا » . قاله الضحاك ومجاهد .
وروى الضحاكُ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لا يشفعون إلاَّ لمن قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وأصل الصَّواب : السداد من القول والفعل ، وهو من أصاب يصيب إصابة ، كالجواب من أجاب يجيبُ .
وقيل : «لا يتكلَّمون » يعني : الملائكة ، والروح الذين كانوا صفًّا لا يتكلمون هيبة وإجلالاً إلا من أذن له الرب تعالى في الشفاعة ، وهم الذين قالوا صواباً ، وأنهم يوحدون الله - تعالى - ويسبِّحونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.