نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا} (38)

ولما كان هذا ربما أفهم سد باب الشفاعة عنده سبحانه ، وكان الكلام إنما ينشأ من الروح ، وكان الملائكة أقرب شيء إلى الروحية ، أكد هذا المعنى مزيلاً ما{[71246]} قد يوهمه في الشفاعة سواء قلنا : إن الروح هنا جنس أم{[71247]} لا ، فقال ذاكراً ظرف " لا يتكلمون " { يوم يقوم الروح } أي هذا الجنس أو خلق من خلق الله عظيم الشأن جداً ، قيل : هو الملك{[71248]} الموكل بالأرواح أو جبرائيل عليه السلام ، أو القرآن المشار إليه بمثل قوله تعالى ( تنزل الملائكة والروح[ من أمره-{[71249]} ] { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا }[ الشورى : 52 ] قاله ابن زيد { والملائكة } أي كلهم ، ونبه بالاصطفاف على شدة الأمر فقال : { صفاً * } للقاء ما في ذلك اليوم من شدائد الأهوال ولحفظ الثقلين وهم في وسط دائرة صفهم من الموج{[71250]} والاضطراب لعظيم ما هم فيه ، ثم زاد الأمر عظماً بذكر العامل في لا يوم فقال : { لا يتكلمون } أي من تقدم كلهم بأجمعهم فيه بكلمة واحدة مطلق كلام خطاباً كان أي في أمر عظيم أو لا ، لا له سبحانه ولا لغيره أصلاً ولا-{[71251]} أحد منهم ، ويجوز أن يكون هذا حالاً لهؤلاء الخواص فيكون الضمير لهم فغيرهم بطريق الأولى { إلا من أذن له } أي في الكلام إذناً خاصاً { الرحمن } أي الملك الذي لا تكون نعمه {[71252]}على أحد من خلقه{[71253]} إلا منه { وقال صواباً * } فإن لم يحصل الأمر إن لم يقع الكلام من أحد منهم أصلاً ، وهذا كالدليل على آية الخطاب بأنه إذا كان الروح والقريب منه بهذه المثابة في حال كل من حضره كان أحوج ما يكون إلى الكلام فما الظن بغيرهم ؟ وهم في غيره كذلك بطريق الأولى وغيرهم فيه وفي غيره من باب الأولى ، وأما{[71254]} في الدنيا فإنه وإن كان لا يتكلم أحد إلا بإذنه لكنه قد يتكلم بالخطأ .


[71246]:من ظ و م، وفي الأصل: بما.
[71247]:في ظ و م: أو.
[71248]:سقط من م.
[71249]:زيد من ظ و م.
[71250]:من ظ و م، وفي الأصل: المدح.
[71251]:زيد من ظ و م.
[71252]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71253]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71254]:من ظ و م، وفي الأصل: ما.