جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا} (38)

{ يوم يقوم الروح{[5266]} } ، هو بنو آدم{[5267]} ، أو خلق أعظم من الملائكة على صورة البشر ، أو جبريل ، أو أشرف الملائكة يعني صاحب الوحي ، أو القرآن أو ملك بقدر جميع المخلوقات ، وهو صف ، وسائر الخلائق صف ، { والملائكة صفا } أي : صافين ، { لا يتكلمون{[5268]} إلا من أذن{[5269]} له الرحمن } ، ويوم ظرف لا يملكون ، أو لا يتكلمون ، وفيه تقرير ، وتوكيد لقوله : " لا يملكون منه خطابا " ، فإن الملائكة مع أنهم من أفضل الخلائق مقربون غير عاصين إذا لم يقدروا أن يتكلموا إلا بإذنه فكيف غيرهم ؟ { وقال صوابا } أي : للتكلم شرطان : الإذن ، والتكلم بالصواب ، فلا يشفع مثلا لغير المستحق ، أو له شرطان : الإذن والتكلم بالصواب في الدنيا ، فالكافر لا يتكلم يعني كلاما ينفعهم ، أو ينفع غيرهم ،


[5266]:أخرج مسلم وأبو داود، والنسائي، والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة -رضي الله عنها- إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" /12 در منثور.
[5267]:قوله: هو بنو آدم...الخ، هذا قول ابن عباس، والحسن، وقال قتادة: هذا ما كان ابن عباس- رضي الله عنهما- يكتمه، والثاني: قول مجاهد وأبي صالح، والأعمش، ونقل عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أيضا، والثالث: قول الشعبي، وسعيد بن جبير، والضحاك، والرابع: قول مقاتل ابن حيان، والخامس: قول ابن يزيد، والسادس: قول ابن مسعود/12 منه.
[5268]:ذلك؛ لأن الملائكة أعظم المخلوقات قدرا ورتبة، وأكثرهم قدرة ومكانة، فبين أنهم لا يتكلمون في موقف القيامة إجلالا لربهم، وخوفا منه، وخضوعا له، فكيف حال غيرهم/12 كبير.
[5269]:تقريرا، وتأكيدا لقوله:{لا يملكون}، فإن هؤلاء الذين هم أفضل الخلائق، وأقربهم من الله، إذا لم يقدروا أن يتكلموا بما يكون صوابا، كالشفاعة لمن ارتضى إلا بإذنه، فكيف يملكه غيرهم/12 بيضاوي.