الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ صَفّٗاۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا} (38)

{ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ } اختلفوا فيه ، فأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن خُرجة قال : حدّثنا عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا إبراهيم ابن طهمان عن مسلم الأعور عن مجاهد عن ابن عباس قال : " أتى نفر من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أخبرنا عن الروح ما هو ؟ قال : " هو جند من جند الله ليسوا بملائكة ، لهم رؤوس وأيد وأرجل يأكلون الطعام ثم قرأ { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً } الآية ، قال : هؤلاء جند وهؤلاء جند " .

وقال ابن عباس : هو من أعظم الملائكة خلقاً ، وأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى قال : حدّثنا ابن علوية قال : حدّثنا إسماعيل قال : حدّثنا المسيب قال : حدّثنا ثابت أبو حمزة عن عامر عن علقمة عن ابن مسعود قال : الروح ملك أعظم من السموات ومن الجبال وأعظم من الملائكة ، وهو في السماء الرابعة تسبح كلّ يوم إثني عشر تسبيحة يخلق من كل تسبحه ملك يجيء يوم القيامة صفاً وحده ، وقال الشعبي والضحاك : هو جبريل ، وروى الضحاك عن ابن عباس قال : إنّ عن يمين العرش نهراً من نور مثل السموات السبع والأرضين السبع والبحار السبع يدخل جبريل ( عليه السلام ) فيه كل فجر فيغتسل فيزداد نوراً إلى نوره وجمالا إلى جماله وعظماً إلى عظمه ، ثم ينتفض فيخرج الله سبحانه من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا ألف ملك يدخل منهم كلّ يوم سبعون ألف ملك البيت المعمور في الكعبة سبعون ألفاً لا يعودون إليه إلى أن تقوم الساعة ، وقال وهب : إنّ جبريل ( عليه السلام ) واقف بين يدي الله سبحانه ترعد فرائصه يخلق الله سبحانه وتعالى من كلّ رعدة ألف ملك ، فالملائكة صفوف بين يدي الله منكّسوا رؤوسهم ، فإذا أذن الله سبحانه لهم في الكلام قالوا : لا إله إلاّ أنت وهو قوله سبحانه : { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً } .

{ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً } يعني لا إله إلاّ الله ، وقال مجاهد : هم خلق على صورة بني آدم يأكلون ويشربون ، أبو صالح : خلق يشبهون الناس وليسوا ، وقال الحسن وقتادة : هم بنو آدم ، قال قتادة : وهذا مما كان يكتمه ابن عباس ، وروى ابن مجاهد عن ابن عباس قال : الروح خلق من الله وصورهم على صور بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلاّ ومعه واحد من الروح ، عطية : هي أرواح الناس يقوم مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن تُرد الأرواح الى الأجساد ، وقال ابن زيد : كان أبي يقول : هو القرآن وقرأ

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] .

{ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً } قال الشعبي : هما سماطا ربّ العالمين يوم القيامة سماطا من الروح وسماطا من الملائكة لا يتكلمون إلاّ من أذن له الرحمن وقال صوابا قال : لا إله إلاّ الله في الدنيا .