قوله { أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض } فيعلموا أنهم حيث كانوا فإن أرضي وسمائي محيطة بهم لا يخرجون من أقطارها ، وأنا القادر عليهم ، { إن نشأ نخسف بهم الأرض } قرأ الكسائي : نخسف بهم بإدغام الفاء في الباء ، { أو نسقط عليهم كسفاً من السماء } قرأ حمزة والكسائي : إن يشأ يخسف أو يسقط ، بالياء فيهن لذكر الله من قبل ، وقرأ الآخرون بالنون فيهن ، { إن في ذلك } أي : فيما ترون من السماء والأرض ، { لآيةً } تدل على قدرتنا على البعث ، { لكل عبد منيب } تائب راجع إلى الله بقلبه .
ثم نبههم على الدليل العقلي ، الدال على عدم استبعاد البعث ، الذي استبعدوه ، وأنهم لو نظروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ، من السماء والأرض فرأوا من قدرة اللّه فيهما ، ما يبهر العقول ، ومن عظمته ما يذهل العلماء الفحول ، وأن خلقهما وعظمتهما وما فيهما من المخلوقات ، أعظم من إعادة الناس - بعد موتهم - من قبورهم ، فما الحامل لهم ، على ذلك التكذيب مع التصديق ، بما هو أكبر منه ؟ نعم ذاك خبر غيبي إلى الآن ، ما شاهدوه ، فلذلك كذبوا به .
قال اللّه : { إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ } أي : من العذاب ، لأن الأرض والسماء تحت تدبيرنا ، فإن أمرناهما لم يستعصيا ، فاحذروا إصراركم على تكذيبكم ، فنعاقبكم أشد العقوبة . { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي : خلق السماوات والأرض ، وما فيهما من المخلوقات { لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ }
فكلما كان العبد أعظم إنابة إلى اللّه ، كان انتفاعه بالآيات أعظم ، لأن المنيب مقبل إلى ربه ، قد توجهت إراداته وهماته لربه ، ورجع إليه في كل أمر من أموره ، فصار قريبا من ربه ، ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته ، فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة ، لا نظر غفلة غير نافعة .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىَ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مّنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ إِن نّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مّنَ السّمَآءِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّكُلّ عَبْدٍ مّنِيبٍ } .
يقول تعالى ذكره : أفلم ينظر هؤلاء المكذّبون بالمعاد ، الجاحدون البعث بعد الممات ، القائلون لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم : أفْتَرَى على اللّهِ كَذِبا أمْ بِهِ جِنّةٌ إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ، فيعلموا أنهم حيث كانوا ، فإن أرضي وسمائي محيطة بهم من بين أيديهم ومن خلفهم ، وعن أيمانهم ، وعن شمائلهم ، فيرتدعوا عن جهلهم ، ويتزجروا عن تكذيبهم بآياتنا حذرا أن نأمر الأرض فتخسف بهم ، أو السماء فتسقط عليهم قطعا ، فإنّا إن نشأ نفعل ذلك بهم فعلنا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أفَلَمْ يَرَوْا إلى ما بَينَ أيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ قال : ينظرون عن أيمانهم ، وعن شمائلهم ، كيف السماء قد أحاطت بهم إنْ نَشأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ كما خسفنا بمن كان قبلهم أوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفا مّنَ السّماءِ : أي قِطعا من السماء .
وقوله : إنّ فِي ذلكَ لاَيَةً لِكُلّ عَبْدٍ مُنِيبٍ يقول تعالى ذكره : إن في إحاطة السماء والأرض بعباد الله لاَية يقول : لدلالة لكلّ عبد منيب يقول : لكل عبد أناب إلى ربه بالتوبة ، ورجع إلى معرفة توحيده ، والإقرار بربوبيته ، والاعتراف بوحدانيته ، والإذعان لطاعته ، على أن فاعل ذلك لا يمتنع عليه فعل شيء أراد فعله ، ولا يتعذّر عليه فعل شيء شاءه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إنّ فِي ذلكَ لاَيَةً لِكُلّ عَبْدٍ مُنِيبٍ والمنيب : المقبل التائب .
{ أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء } تذكير بما يعاينونه مما يدل على كمال قدرة الله وما يحتمل فيه إزاحة لاستحالتهم الإحياء حتى جعلوه افتراء وهزؤا ، وتهديدا عليها والمعنى أعموا فلم ينظروا إلى ما أحاط بجوانبهم من السماء والأرض ولم يتفكروا أهم أشد خلقا ، أم السماء وإنا { إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا } ، ولتكذيبهم بالآيات بعد ظهور البينات . وقرأ حمزة والكسائي " يشأ " و " يخسف " و " يسقط " بالياء لقوله : { افترى على الله } . والكسائي وحده بإدغام الفاء في الباء وحفص " كسفا " بالتحريك . { إن في ذلك } النظر والتفكر فيهما وما يدلان عليه . { لآية } لدلالة . { لكل عبد منيب } راجع إلى ربه فإنه يكون كثيرا التأمل في آمره .
الضمير في { يروا } لهؤلاء { الذين لا يؤمنون بالآخرة } [ سبأ : 8 ] وقفهم الله تعالى على قدرته وخوفهم من إحاطتها بهم ، المعنى أليس يرون أمامهم ووراءهم سمائي وأرضي لا سبيل لهم إلى فقد ذلك عن أبصارهم ، ولا عدم إحاطته بهم ، وقرأ الجمهور «إن نشأ نخسف » و «نسقط » بالنون في الثلاثة وقرأ حمزة والكسائي «إن يشأ يخسف بهم أو يسقط » بالياء في الثلاثة وهي قراءة ابن وثاب وابن مصرف والأعمش وعيسى واختارها أبو عبيد ، و «خسف الأرض » هو إهواؤها بهم وتهورها وغرقهم فيها ، و «الكسف » قيل هو مفرد اسم القطعة ، وقيل هو جمع كسفه جمعها على حد تمرة وتمر ومشهور جمعها كسف كسدرة وسدر{[9601]} .
وأدغم الكسائي الفاء في الباء في قوله { نخسف بهم } قال أبو علي وذلك لا يجوز لأن الباء أضعف في الصوت من الفاء فلا تدغم فيها وإن كان الباء تدغم في الفاء كقوله اضرب فلاناً ، وهذا كما تدغم الباء في الميم كقوله «اضرب محمداً » ولا تدغم الميم في الباء كقولك " اضمم بكراً " ، لأن الباء انحطت عن الميم بفقد الغنة التي في الميم{[9602]} .
والإشارة بقوله تعالى في ذلك إلى إحاطة السماء بالمرء ومماسة الأرض له على كل حال ، و «المنيب » الراجع التائب .
الفاء لتفريع ما بعدها على قوله : { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب } [ سبأ : 8 ] الخ ، لأن رؤية مخلوقات الله في السماء والأرض من شأنها أن تهديهم لو تأملوا حق التأمل .
والاستفهام للتعجيب الذي يخالطه إنكار على انتفاء تأملهم فيما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ، أي من المخلوقات العظيمة الدالة على أن الذي قدَر على خلق تلك المخلوقات من عدم هو قادر على تجديد خلق الإِنسان بعد العدم .
والرؤية بصرية بقرينة تعليق { إلى } . فمعنى الاستفهام عن انتفائها منهم انتفاء آثارها من الاستدلال بأحوال الكائنات السماوية والأرضية على إمكان البعث ، فشبه وجود الرؤية بعدمها واستعير له حرف النفي . والمقصود : حثهم على التأمل والتدبر ليتداركوا علمهم بما أهملوه . وهذا كقوله : { أفلم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون } [ الروم : 8 ] .
والمراد ب { ما بين أيديهم } ما يستقبله كل أحد منهم من الكائنات السماوية والأرضية ، وب { ما خلفهم } ما هو وراء كل أحد منهم ، فإنهم لو شاءوا لنظروا إليه بأن يلتفتوا إلى ما وراءهم ، وذلك مثل أن ينظروا النصف الشمالي من الكرة السماوية في الليل ثم ينظروا النصف الجنوبي منها فيروا كواكب ساطعة بعضها طالع من مشرقه وبعضها هاو إلى مغربه وقمراً مختلف الأشكال باختلاف الأيام ، وفي النهار بأن ينظروا إلى الشمس بازغة وآفلة ، وما يقارن ذلك من إسفار وأصيل وشفق . وكذلك النظر إلى جبال الأرض وبحارها وأوديتها وما عليها من أنواع الحيوان واختلاف أصنافه .
و { من } في قوله : { من السماء والأرض } تبعيضية .
والسماء والأرض أطلقتا على محوياتهما كما أطلقت القرية على أهلها في قوله : { واسأل القرية } [ يوسف : 82 ] .
وجملة { إن نشأ نخسف بهم الأرض } اعتراض بالتهديد فمناسبة التعجيب الإِنكاري بما يذكرهم بقدرة صانع تلك المصنوعات العظيمة على عقاب الذين أشركوا معه غيره والذين ضيقوا واسع قدرته وكذبوا رسوله صلى الله عليه وسلم وما يخطر في عقولهم ذكر الأمم التي أصابها عقاب بشيء من الكائنات الأرضية كالخسف أو السماوية كإسقاط كسف من الأجرام السماوية مثل ما أصاب قارون من الخسف وما أصاب أهل الأيْكة من سقوط الكسف .
وقرأ الكسائي وحده « نخسبّهم » بإدغام الفاء في الباء ، قال أبو علي : وذلك لا يجوز لأن الباء أضعف في الصوت من الفاء فلا تدغم الفاء في الباء ، وإن كانت الباء تدغم في الفاء كقولك : اضرب فلاناً ، وهذا كما تدغم الباء في الميم كقولك : اضرب مالكاً ، ولا تدغم الميم في الباء كقولك : اضمم بكراً ، لأن الباء انحطت عن الميم بفقد الغثة التي في الميم ، وهذا رد للرواية بالقياس وهو غصْب .
والكِسف بكسر الكاف وسكون السين في قراءة الجمهور ، وهو القطعة من الشيء .
وقد تقدم في قوله تعالى : { أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً } في سورة الإِسراء ( 92 ) .
وقرأ الجمهور نخسف } و { نسقط } بنون العظمة . وقرأها حمزة والكسائي وخلف بياء الغائب على الالتفات من مقام التكلم إلى مقام الغيبة ، ومعاد الضميرين معروف من سياق الكلام .
وجملة { إن في ذلك لآية لكل عبد منيب } تعليل للتعجيب الإِنكاري باعتبار ما يتضمنه من الحث على التأمل والتدبر كما تقدم آنفاً ، فموقع حرف التوكيد هنا لمجرد التعليل ، كقول بشار :
ولك أن تجعل تذييلاً . والمشار إليه هو ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ، أي من الكائنات فيهما .
والآية : الدليل والتعريف للجنس ، فالمفرد المعرّف مساو للجمع ، أي لآيات كثيرة .
والمنيب : الراجع بفكره إلى البحث عما فيه كماله النفساني وحسن مصيره في الآخرة فهو يقدّر المواعظ حقّ قدرها ويتلقّاها بالشك في الحالة التي وعظ من أجلها فيعاود النظر حتى يهتدي ولا يرفض نصح الناصحين وإرشاد المرشدين مرتدياً برداء المتكبرين فهو لا يخلو من النظر في دلائل قدرة الله ، ومن أكبر المنيبين المؤمنون مع رسولهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم خوفهم، فقال جل وعز: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم}، ثم بين ما هو فقال جل وعز: {من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض} فتبتلعهم.
{أو نسقط عليهم كسفا من السماء} يعني جانبا من السماء فنهلكهم بها.
{إن في ذلك لآية} عبرة. {لكل عبد منيب} مخلص بالتوحيد.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء المكذّبون بالمعاد، الجاحدون البعث بعد الممات، القائلون لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم:"أفْتَرَى على اللّهِ كَذِبا أمْ بِهِ جِنّةٌ" إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض، فيعلموا أنهم حيث كانوا، فإن أرضي وسمائي محيطة بهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، فيرتدعوا عن جهلهم، وينزجروا عن تكذيبهم بآياتنا حذرا أن نأمر الأرض فتخسف بهم، أو السماء فتسقط عليهم قطعا، فإنّا إن نشأ نفعل ذلك بهم فعلنا... وقوله: "إنّ فِي ذلكَ لأية لِكُلّ عَبْدٍ مُنِيبٍ "يقول تعالى ذكره: إن في إحاطة السماء والأرض بعباد الله لآية يقول: لدلالة "لكلّ عبد منيب" يقول: لكل عبد أناب إلى ربه بالتوبة، ورجع إلى معرفة توحيده، والإقرار بربوبيته، والاعتراف بوحدانيته، والإذعان لطاعته، على أن فاعل ذلك لا يمتنع عليه فعل شيء أراد فعله، ولا يتعذّر عليه فعل شيء شاءه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{أفلم يروا} ونحوه يخرّج على وجهين: أحدهما: قد رأوا على الخبر.
والثاني: على الأمر أن انظروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض.
وقتادة يقول: لينظروا كيف أحاطت بهم السماء والأرض، وهما واحد.
{إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن قبلهم {أو نُسقط عليهم كسفا من السماء} أي عذابا من السماء كما أنزلنا على من قبلهم بالتكذيب والعناد.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و «خسف الأرض» هو إهواؤها بهم، وتهورها، وغرقهم فيها.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{إن نشأ} بما لنا من العظمة -على قراءة الجمهور {نخسف} أي نغور.
{إن في ذلك} أي في قدرتنا على ما نشاء من كل منهما والتأمل في فنون تصاريفهما {لآية} أي علامة بينة على أنا نعامل من شئنا فيهما بالعدل بأي عذاب أردنا، ومن شئنا بالفضل بأي ثواب أردنا، وذلك دال على أنا قادرون على كل ما نشاء من الإماتة والإحياء وغيرهما، فقد خسفنا بقارون وآله وبقوم لوط وأشياعهم، وأسقطنا من السماء على أصحاب الأيكة يوم الظلة قطعاً من النار، وعلى قوم لوط حجارة، فأهلكناهم بذلك أجمعين.
{لكل عبد} أي متحقق أنه مربوب ضعيف مسخر لما يراد منه.
{منيب} أي فيه قابلية الرجوع عما أبان له الدليل عن أنه زل فيه.
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
استئنافٌ مسوق لتهويلِ ما اجترأوا عليه من تكذيبِ آياتِ الله تعالى واستعظامِ ما قالُوا في حقِّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأنَّه من العظائمِ الموجبة لنزول أشدِّ العقاب وحلول أفظع العذاب من غير ريثٍ وتأخير.
{لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} شأنُه الإنابةُ إلى ربِّه فإنه إذا تأمَّلَ فيهما أو في الوحيِ المذكورِ ينزجرُ عن تعاطي القبائحِ وينيبُ إليه تعالى وفيه حثٌّ بليغٌ على التَّوبةِ والإنابة.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي: خلق السماوات والأرض، وما فيهما من المخلوقات فكلما كان العبد أعظم إنابة إلى اللّه، كان انتفاعه بالآيات أعظم، لأن المنيب مقبل إلى ربه، قد توجهت إراداته وهماته لربه، ورجع إليه في كل أمر من أموره، فصار قريبا من ربه، ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته، فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة، لا نظر غفلة غير نافعة.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
فخسف الأرض يقع ويشهده الناس، وترويه القصص والروايات أيضاً، وسقوط قطع من السماء يقع كذلك عند سقوط الشهب وحدوث الصواعق، وهم رأوا شيئاً من هذا أو سمعوا عنه، فهذه اللمسة توقظ الغفاة الغافلين، الذين يستبعدون مجيء الساعة، والعذاب أقرب إليهم لو أراد الله أن يأخذهم به في هذه الأرض قبل قيام الساعة، يمكن أن يقع بهم من هذه الأرض وهذه السماء التي يجدونها من بين أيديهم ومن خلفهم، محيطة بهم وليست بعيدة عنهم بعد الساعة المغيبة في علم الله، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
هنا يجب الالتفات إلى جملة أمور:
(إنّ في ذلك لآية) لكنّها حدّدت (لكلّ عبد منيب) والإشارة تستبعد ذلك المتمرّس بالعصيان الذي خلع عن رقبته طوق العبودية لله سبحانه وتعالى، والغافلين الذين أداموا السير في الطريق الخاطئة الملوّثة بالخطايا واستبعدوا عن أذهانهم كلياً التوبة والإنابة، فهؤلاء أيضاً لا يمكنهم الانتفاع من هذه الآية المشرقة، لأنّ وجود الشمس الساطعة لا يكفي وحده لتحصل الرؤية، بل يستلزم أيضاً العين المبصرة وارتفاع الحجاب بينهما.