تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

الآية 9 وقوله تعالى : { أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض } قد ذكرنا قوله : { أفلم يروا } وقوله{[16913]} { أفلم يروا } ونحوه أنه يخرّج على وجهين :

أحدهما : /434-أ/ قد رأوا على الخبر . والثاني : على الأمر أن انظروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض . ثم يقول بعضهم لبعض : حيثما قدم الإنسان رأى بين يديه من السماء مثل الذي{[16914]} يرى خلفه . وكذلك الأرض .

وقتادة يقول : لينظروا كيف أحاطت بهم السماء والأرض ، وهما واحد .

[ وقوله تعالى ]{[16915]} : { إن نشأ نخسف بهم الأرض } كما خسفنا بمن قبلهم { أو نُسقط عليهم كسفا من السماء } أي عذابا من السماء كما أنزلنا{[16916]} على من قبلهم بالتكذيب والعناد . يذكر هذا على إثر قولهم : { أفترى على الله كذبا أم به جِنّة } أي لو نظروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض لعرفوا أنه رسول الله وأنه صادق وأن ما يقوله : إنه بعث بعد الموت ، وإن العذاب ينزل بقومه لا عن جنون ، ولكن عن علم وعقل ومعرفة ، لأن من قدر على إنشاء السماء على ما أنشأ من سعتها وغِلظها وشدتها ، وكذلك الأرض ، قدر على البعث وخسف من يشاء أن يخسِف وإسقاط السماء على من يشاء أن يُسقط ، أو يقول : لو نظروا لعرفوا أنه لم ينشئ ما ذكر من السماء والأرض عبثا باطلا ، ولكن أنشأهما على الحكمة . وإنما يصير إنشاؤهما حكمة بالبعث والإحياء بعد الموت ومصيرهم إليه . وأما للفناء خاصة فلا يكون حكمة ، والله أعلم ما أراد بذلك .

وقوله تعالى : { إن في ذلك لآية لكل عبد منيب } المنيب : قيل : هو المطيع لله ، وقيل : هو المقبل على أمر الله . والمنيب ، كأنه هو المؤمن لأنه هو المصدق بالآيات [ فإذا كان المؤمن ، هو المصدّق بالآيات ]{[16917]} ، فيكون ، هو المنتفع بها [ فتكون الآية [ له ]{[16918]} وأما المكذّب فلا ينتفع بها ]{[16919]} فلا تكون الآية له في الحقيقة .


[16913]:في الأصل وم: و.
[16914]:في م: السماء.
[16915]:ساقطة من الأصل وم.
[16916]:في الأصل وم: أنزل.
[16917]:من م، ساقطة من الأصل.
[16918]:ساقطة من م.
[16919]:من م، ساقطة من الأصل.