ثم وبخهم سبحانه بما اجترأوا عليه من التكذيب مبيناً لهم أن ذلك لم يصدر منهم إلاّ لعدم التفكر ، والتدبر في خلق السماء والأرض ، وأن من قدر على هذا الخلق العظيم لا يعجزه أن يبعث من مخلوقاته ما هو دون ذلك ، ويعيده إلى ما كان عليه من الذات والصفات ، ومعنى { إلى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } : أنهم إذا نظروا رأوا السماء خلفهم ، وقدّامهم ، وكذلك إذا نظروا في الأرض رأوها خلفهم وقدّامهم ، فالسماء والأرض محيطتان بهم ، فهو : القادر على أن ينزل بهم ما شاء من العذاب بسبب كفرهم ، وتكذيبهم لرسوله ، وإنكارهم للبعث ، فهذه الآية اشتملت على أمرين : أحدهما : أن هذا الخلق الذي خلقه الله من السماء ، والأرض يدلّ على كمال القدرة على ما هو دونه من البعث كما في قوله : { أَوَ لَيْسَ الذى خَلَقَ السموات والأرض بقادر على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } [ يس : 81 ] . والأمر الآخر : التهديد لهم بأن من خلق السماء ، والأرض على هذه الهيئة التي قد أحاطت بجميع المخلوقات فيهما قادر على تعجيل العذاب لهم { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض } كما خسف بقارون { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً } أي قطعاً { مّنَ السماء } كما أسقطها على أصحاب الأيكة ، فكيف يأمنون ذلك . قرأ الجمهور { إن نشأ } بنون العظمة ، وكذا ( نخسف ) ، ( ونسقط ) . وقرأ حمزة والكسائي بالياء التحتية في الأفعال الثلاثة ؛ أي إن يشأ الله . وقرأ الكسائي وحده بإدغام الفاء في الباء في { نخسف بهم } . قال أبو علي الفارسي : وذلك غير جائز ؛ لأن الفاء من باطن الشفة السفلى ، وأطراف الثنايا العليا بخلاف الباء ، وقرأ الجمهور { كسفا } بسكون السين . وقرأ حفص ، والسلمي بفتحها . { إِنَّ في ذَلِكَ } المذكور من خلق السماء والأرض { لآيَةً } واضحة دلالة بينة { لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } أي راجع إلى ربه بالتوبة ، والإخلاص ، وخصّ المنيب ؛ لأنه المنتفع بالتفكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.