معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

قوله تعالى : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم } ، قرأ الكسائي بطون أمهاتكم بكسر الهمزة ، وقرأ حمزة بكسر الميم والهمزة ، والباقون بضم الهمزة وفتح الميم ، { لا تعلمون شيئاً } ، تم الكلام ، ثم ابتدأ فقال جل وعلا : { وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة } ؛ لأن الله تعالى جعل هذه الأشياء لهم قبل الخروج من بطون الأمهات ، وإنما أعطاهم العلم بعد الخروج ، { لعلكم تشكرون } ، نعمه من كون السمع ، والأبصار ، والأفئدة قبل الخروج ؛ إذ يسمع الطفل ويبصر ، ولا يعلم ، وهذه الجوارح من غير هذه الصفات كالمعدوم . كما قال فيمن لا يسمع الحق ، ولا يبصر العبر ، ولا يعقل الثواب : { صم بكم عمي فهم لا يرجعون } ، لا يشكرون نعمه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

{ 78 } { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

أي : هو المنفرد بهذه النعم ، حيث { أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا } ، ولا تقدرون على شيء ، ثم إنه { جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ } ، خص هذه الأعضاء الثلاثة ؛ لشرفها وفضلها ؛ ولأنها مفتاح لكل علم ، فلا وصل للعبد علم إلا من أحد هذه الأبواب الثلاثة ، وإلا فسائر الأعضاء والقوى الظاهرة والباطنة هو الذي أعطاهم إياها ، وجعل ينميها فيهم شيئا فشيئا ، إلى أن يصل كل أحد إلى الحالة اللائقة به ، وذلك لأجل أن يشكروا الله ، باستعمال ما أعطاهم من هذه الجوارح في طاعة الله ، فمن استعملها في غير ذلك كانت حجة عليه ، وقابل النعمة بأقبح المقابلة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : والله تعالى أعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ، من بعد ما أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعقلون شيئا ولا تعلمون ، فرزقكم عقولاً تفقهون بها ، وتميزون بها الخير من الشرّ ، وبصرّكم بها ما لم تكونوا تبصرون ، وجعل لكم السمع الذي تسمعون به الأصوات ، فيفقه بعضكم عن بعض ما تتحاورون به بينكم ، والأبصار التي تبصرون بها الأشخاص ، فتتعارفون بها وتميزون بها بعضا من بعض . و " الأفْئِدَةَ " يقول : والقلوب التي تعرفون بها الأشياء ، فتحفظونها وتفكرون فتفقهون بها . { لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، يقول : فعلنا ذلك بكم ، فاشكروا الله على ما أنعم به عليكم من ذلك ، دون الآلهة والأنداد ، فجعلتم له شركاء في الشكر ، ولم يكن له فيما أنعم به عليكم من نعمه شريك .

وقوله : { وَاللّهُ أخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أمّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئا } كلام متناه ، ثم ابتدىء الخبر ، فقيل : وجعل الله لكم السمع والأبصار والأفئدة . وإنما قلنا ذلك كذلك ؛ لأن الله تعالى ذكره جعل العبادة والسمع والأبصار والأفئدة قبل أن يخرجهم من بطون أمهاتهم ، وإنما أعطاهم العلم والعقل بعدما أخرجهم من بطون أمهاتهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

ثم دل على قدرته فقال : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم } ، وقرأ الكسائي بكسر الهمزة على أنه لغة ، أو إتباع لما قبلها ، وحمزة بكسرها وكسر الميم ، والهاء مزيدة ، مثلها في أهراق . { لا تعلمون شيئا } ، جهالا مستصحبين جهل الجمادية . { وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة } ، أداة تتعلمون بها ، فتحسون بمشاعركم جزيئات الأشياء ، فتدركونها ، ثم تتنبهون بقلوبكم لمشاركات ومباينات بينها بتكرر الإحساس حتى تتحصل لكم العلوم البديهية ، وتتمكنوا من تحصيل المعالم الكسبية بالنظر فيها . { لعلكم تشكرون } ، كي تعرفوا ما أنعم عليكم طورا بعد طور فتشكروه .