ثم إنه سبحانه ذكر حالة أخرى للإنسان دالة على غاية قدرته ، ونهاية رأفته ، فقال : { والله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أمهاتكم لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } وهذا معطوف على قوله : { والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } منتظم معه في سلك أدلة التوحيد ، أي : أخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالاً لا علم لكم بشيء ، وجملة { لا تعلمون شيئاً } في محل نصب على الحال ، وقيل : المراد : لا تعلمون شيئاً مما أخذ عليكم من الميثاق . وقيل : لا تعلمون شيئاً مما قضي به عليكم من السعادة والشقاوة . وقيل : لا تعلمون شيئاً من منافعكم . والأولى التعميم لتشمل الآية هذه الأمور وغيرها اعتباراً بعموم اللفظ ، فإن { شيئاً } نكرة واقعة في سياق النفي . وقرأ الأعمش ، وابن وثاب ، وحمزة «إمهاتكم » بكسر الهمزة والميم هنا ، وفي النور ، والزمر ، والنجم . وقرأ الكسائي بكسر الهمزة وفتح الميم . وقرأ الباقون بضم الهمزة وفتح الميم .
{ وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة } أي : ركب فيكم هذه الأشياء ، وهو معطوف على { أخرجكم } وليس فيه دلالة على تأخير هذا الجعل عن الإخراج لما أن مدلول الواو هو مطلق الجمع . والمعنى : جعل لكم هذه الأشياء لتحصلوا بها العلم الذي كان مسلوباً عنكم عند إخراجكم من بطون أمهاتكم ، وتعملوا بموجب ذلك العلم من شكر المنعم وعبادته والقيام بحقوقه ، والأفئدة : جمع فؤاد ، وهو وسط القلب ، منزل منه بمنزلة القلب من الصدر ، وقد قدّمنا الوجه في إفراد السمع ، وجمع الأبصار والأفئدة ، وهو أن إفراد السمع لكونه مصدراً في الأصل يتناول القليل والكثير { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي : لكي تصرفوا كل آلة فيما خلقت له ، فعند ذلك تعرفون مقدار ما أنعم الله به عليكم فتشكرونه ، أو أن هذا الصرف هو نفس الشكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.