قوله عز وجل : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً } ، تم الكلام هنا ؛ لأن الإنسان خلق في أول الفطرة ، ومبدئها خالياً عن العلم والمعرفة لا يهتدي سبيلاً ، ثم ابتدأ ، فقال تعالى : { وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة } ، يعني : أن الله سبحانه وتعالى إنما أعطاكم هذه الحواس لتنتقلوا بها من الجهل إلى العلم ، فجعل لكم السمع لتسمعوا به نصوص الكتاب والسنة ، وهي الدلائل السمعية لتستدلوا بها على ما يصلحكم في أمر دينكم ، وجعل لكم الأبصار لتبصروا بها عجائب مصنوعاته ، وغرائب مخلوقاته ، فتستدلوا بها على وحدانيته . وجعل لكم الأفئدة لتعقلوا بها ، وتفهموا معاني الأشياء التي جعلها دلائل وحدانيته ، وقال ابن عباس : في هذه الآية يريد لتسمعوا مواعظ الله وتبصروا ما أنعم الله به عليكم من إخراجكم من بطون أمهاتكم ، إلى أن صرتم رجالاً وتعقلوا عظمة الله ، وقيل في معنى الآية : والله خلقكم في بطون أمهاتكم وسواكم وصوركم ، ثم أخرجكم من الضيق إلى السعة ، وجعل لكم الحواس آلات ؛ لإزالة الجهل الذي ولدتم عليه ، واجتلاب العلم والعمل به ، من شكر المنعم وعبادته ، والقيام بحقوقه والترقي إلى ما يسعدكم به في الآخرة . فإن قلت : ظاهر الآية يدل على أن جعل الحواس الثلاث بعد الإخراج من البطون ، وإنما خلقت هذه الحواس للإنسان من جملة خلقه ، وهو في بطن أمه . قلت : ذكر العلماء أن تقديم الإخراج ، وتأخير ذكر هذه الحواس لا يدل على أن خلقها كان بعد الإخراج ؛ لأن الواو لا توجب الترتيب ؛ ولأن العرب تقدم وتؤخر في بعض كلامها . وأقول لما كان الانتفاع بهذه الحواس بعد الخروج من البطن ، فكأنما خلقت في ذلك الوقت الذي ينتفع بها فيه ، وإن كانت قد خلقت قبل ذلك . وقوله تعالى : { لعلكم تشكرون } ، يعني : إنما أنعم عليكم بهذه الحواس لتستعملوها في شكر من أنعم بها عليكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.