الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

قوله تعالى : { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً } : الجملةُ حالٌ مِنْ مفعول " أَخْرجكم " ، أي : أخرجكم غيرَ عالِمين . و " شيئاً " : إمَّا مصدرٌ ، أي : شيئاً من العلم ، وإمَّا مفعولٌ به . والعِلْمُ هنا العِرْفان . وقد تقدَّم الكلامُ في " أمَّهاتكم " في النساء .

قوله : " وَجَعَلَ " : يجوز أن يكونَ معطوفاً على " أَخْرجكم " ، فيكونَ داخلاً فيما أَخْبر به عن المبتدأ ، ويجوز أن يكونَ مستأنفاً .

والأَفْئِدَةُ : جمعُ " فؤاد " ، وقد تقدَّم . وقال الرازي : " إنما جُمِعَ جَمْعَ قِلَّة ؛ لأنَّ أكثرَ الناسِ مشغولون بأفعالٍ بهيمية ، فكأنهم لا فؤادَ لهم " . وقال الزمخشري : " إنه من الجموع التي استُعْمِلت للقلة والكثرة ، ولم يُسمع فيها غيرُ القلة ، نحو : " شُسُوع " فإنها للكثرة ، ويستعمل في القِلة ، ولم يُسْمَع غيرُ شُسُوع " . كذا قال ، وفيه نظر . سُمِع منهم " أَشْسَاع " ، فكان ينبغي أن يقول : غَلَبَ شُسُوع .