الآية : 78 وقوله تعالى : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا } ، يحتمل وجهين :
أحدهما ){[10371]} : يذكر بهذا قدرته وسلطانه على ما سبق من سرعة القيامة والعلم بها والحكمة التي جعل في البعث ، فقال : { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا } ، خلق الولد في ظلمات ثلاث ، وجعل غذاءه بغذاء الأمهات وبقواهن ، ثم تقلبه في تلك الظلمات من حال إلى حال ؛ ما لو اجتهد الخلائق أن يعلموا اغْتِذَاءَهُ بغذاء الأمهات ، وتقلبه من حال إلى حال ، ومن جوهر إلى جوهر ، لما قدروا على ذلك .
فيدل هذا على أن من قدر على هذا ، وعلم في تلك الظلمات قدر على البعث وإعادة الخلق بعد الفناء ، وعلم ما غاب عن الخلق . ويُذكرنا نعمه ومننه علينا في بلوغنا إلى الأحوال التي صرنا إليها بعد ما كنا ما ذكر .
والثاني : يذكرنا ( أننا كنا ){[10372]} بالحال التي ذكر ؛ لنعلم أنه صيرنا في البطون بلا استعانة بأحد منا ولا عون منه إلى أحد ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة } ، فمن قدر على جعل السمع حتى تسمع الأصوات ، ويميز بينها ، وجعل{[10373]} البصر والتمييز بين ألوان الأجسام والفؤاد ليُفْهَمَ ، ويُعقل ما له ، وما عليه ، ما لا يدرك{[10374]} مئة ما به يسمعون ، ويبصرون ، ويعقلون ، وما به يميزون بين ما ذكرنا . فمن قدر على ( هذا كله قدر على ){[10375]} إنشاء الخلق بعد الفناء ، والإعادة بعد الموت .
ثم ذكر على إثر قوله : { لا تعلمون شيئا } ، السمع والبصر والأفئدة . فذلك يدل على أن هذه الأشياء من أسباب العلم بالأشياء ، وبها يوصل إلى العلم بالأشياء . فمن أعطي أسباب العلم بالشيء فكأن قد أعطي له العلم به ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { لعلكم تشكرون } ، هو حرف شك في الظاهر ؛ ذَكَرَهُ{[10376]} ، والله أعلم ؛ لأنه لا كل الناس يشكرون نعمه ، أو لكي يلزمهم الشكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.