معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (15)

قوله تعالى : { واستفتحوا } استنصروا . قال ابن عباس و مقاتل : يعنى الأمم ، وذلك أنهم قالوا : اللهم إن كان هؤلاء الرسل صادقين فعذبنا ، نظيره قوله تعالى : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } [ الأنفال -42 ] . وقال مجاهد وقتادة : واستفتحوا يعني الرسل وذلك أنهم لما يئسوا من إيمان قومهم استنصروا الله ودعوا على قومهم بالعذاب ، كما قال نوح عليه السلام : { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا } [ نوح-26 ] وقال موسى عليه السلام : { ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم } ، الآية [ يونس-88 ] . { وخاب } ، خسر : وقيل : هلك ، { كل جبار عنيد } والجبار : الذي لا يرى فوقه أحدا . والجبرية : طلب العلو بما لا غاية وراءه ، وهذا الوصف لا يكون إلا لله عز وجل . وقيل : الجبار : الذي يجبر الخلق على مراده ، والعنيد : المعاند للحق ومجانبه . قاله مجاهد ، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- : هو المعرض عن الحق . قال مقاتل : هو المتكبر . وقال قتادة : العنيد : الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (15)

{ وَاسْتَفْتَحُوا } أي : الكفار أي : هم الذين طلبوا واستعجلوا فتح الله وفرقانه بين أوليائه وأعدائه فجاءهم ما استفتحوا به وإلا فالله حليم لا يعاجل من عصاه بالعقوبة ، { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } أي : خسر في الدنيا والآخرة من تجبر على الله وعلى الحق وعلى عباد الله واستكبر في الأرض وعاند الرسل وشاقهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (15)

وقوله - سبحانه - { واستفتحوا } من الاستفتاح بمعنى الاستنصار ، أى : طلب النصر من الله - تعالى - على الأعداء . والسين والتاء للطلب .

ومنه قوله - تعالى - { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الفتح . . . } وقوله - تعالى - { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ . . . } أو يكون { واستفتحوا } من الفتاحة بمعنى الحكم والقضاء ، أى : واستحكوا الله - تعالى - وطلبوا منه القضاء والحكم ، ومنه قوله - تعالى - { رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين } والجملة الكريمة معطوفة على { فأوحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ } ، والضمير يعود إلى الرسل .

والمعنى : والتمس الرسل من خالقهم - عز وجل - أن ينصرهم على أعدائه وأعدائهم ، وأن يحكم بحكمه العادل بينهم وبين هؤلاء المكذبين .

قالوا : ومما يؤيد ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وابن محيصن { واستفتحوا } - بكسر التاء - أمراً للرسل .

ومنهم من يرى أن الضمير يعود للفريقين : الرسل ومكذيبهم . أى : أن كل فريق دعا الله أن ينصره على الفريق الآخر .

وقوله { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } بيان لنتيجة الاستفتاح . والجبار : الإِنسان المتكبر المغرور المتعالى على غيره ، المدعى لمنزلة أى لشئ ليس من حقه .

والعنيد : مأخوذ من العند - بفتح النون - بمعنى الميل . يقال : عند فلان عن الطريق - كنصر وضرب وكرم - عنودا ، إذا مال عنها . وعند فلان عن الحق ، إذا خالفه .

والجملة الكريمة معطوفة على محذوف ، والتقدير : واستفتحوا فنصر الله - تعالى - رسله على أعدائهم ، وخاب وخسر ، كل متكبر متجبر معاند للحق .

قال ابن كثير : قوله : { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } أى : متجبر فى نفسه معاند للحق ، كما قال - تعالى - { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ . مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ . الذي جَعَلَ مَعَ الله إلها آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي العذاب الشديد } وفى الحديث : " يؤتى بجنهم يوم القيامة ، فتنادى الخلائق فتقول : إنى وكلت بكل جبار عنيد . . . " .

وقال - سبحانه - { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } ولم يقل وخاب الذين كفروا كما هو مقتضى الظاهر من السياق ، للتنبيه على أن الذين كفروا كانوا جبابرة معاندين للحق ، وأن كل من كان كذلك فلابد من أن تكون عاقبته الخيبة والخسران .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (15)

{ واستفتحوا } سألوا من الله الفتح على أعدائهم ، أو القضاء بينهم وبين أعدائهم من الفتاحة كقوله : { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق } وهو معطوف على { فأوحى } والضمير للأنبياء عليهم الصلاة والسلام . وقيل للكفرة وقيل للفريقين . فإن كلهم سألوه أن ينصر المحق ويهلك المبطل . وقرئ بلفظ الأمر عطفا على " ليهلكن " . { وخاب كل جبار عنيد } أي ففتح لهم فأفلح المؤمنون وخاب كل جبار عات متكبر على الله معاند للحق فلم يفلح ، ومعنى الخيبة إذا كان الاستفتاح من الكفرة أو من القبيلين كان أوقع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (15)

وقرأت فرقة «واستفتِحوا » بكسر التاء ، على معنى الأمر للرسل ، قرأها ابن عباس ومجاهد وابن محيصن .

و { خاب } معناه : خسر ولم ينجح ، و «الجبار » : المتعظم في نفسه ، الذي لا يرى لأحد عليه حقاً ، وقيل : معناه الذي يجبر الناس على ما يكرهون .

قال القاضي أبو محمد : وهذا هو المفهوم من اللفظ ، وعبر قتادة وغيره عن «الجبار » بأنه الذي يأبى أن يقول : لا إله إلا الله .

و «العنيد » الذي يعاند ولا ينقاد .