فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (15)

{ وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ( 15 ) }

{ وَاسْتَفْتَحُواْ } أي استنصروا بالله على أعدائهم أو سألوا الله القضاء بينهم من الفتاحة وهي الحكومة بين الخصمين ، ومن الأول قوله : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ومن الثاني قوله : { ربنا افتح بيننا وبين قومنا } أي احكم ، والضمير في استفتحوا للرسل ، وقيل للكفار وقيل للفريقين وقيل لقريش لأنهم في سني الجدب استمطروا فلم يمطروا ، وهو على هذا مستأنف والأول أولى ، وقرئ استفتحوا بكسر التاء الثانية على لفظ الأمر ، أمر للرسل بطلب النصرة فنصروا وسعدوا وربحوا .

{ وَخَابَ } أي خسر وقيل هلك { كُلُّ جَبَّارٍ } هو المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا ، هكذا حكاه النحاس عن أهل اللغة .

وقيل من تجبر بنفسه بادعاء منزلة عالية لا يستحقها ، وهو صفة ذم في حق الإنسان ، وقيل الذي لا يرى فوقه أحدا . وقيل المتعظم في نفسه المتكبر على أقرانه والمعاني متقاربة { عَنِيدٍ } هو المعاند للحق والمجانب له قاله مجاهد ، وهو مأخوذ من العند وهو الناحية ، أي آخذ في ناحية معرضا .

قال الزجاج : العنيد الذي يعدل عن القصد ، ويمثله قال الهروي . وقال أبو عبيد : هو الذي عند وبغى وقال ابن كيسان : هو الشامخ بأنفه ، وقيل المراد به العاصي ، وقيل الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله . قاله قتادة ، وقيل العنيد الناكب عن الحق . قاله إبراهيم النخعي ، وقال مقاتل : المتكبر ، وقال ابن عباس : هو المعرض عن الحق .

وقيل هو المعجب بما عنده ، وقيل هو الذي يعاند ويخالف ، ومعنى الآية أنه خسر وهلك من كان متصفا بهذه الصفة .