والظاهر أن الضمير في واستفتحوا عائد على الأنبياء : أي استنصروا الله على أعدائهم كقوله : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ويجوز أن يكون الفتاحة وهي الحكومة ، أي : استحكموا الله طلبوا منه القضاء بينهم .
واستنصار الرسل في القرآن كثير كقول نوح : { فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني } وقول لوط : { رب نجني وأهلي مما يعملون } وقول شعيب : { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق } وقول موسى : { ربنا إنك آتيت فرعون } الآية .
وقول ابن زيد : الضمير عائد على الكفار أي : واستفتح الكفار على نحو ما قالت قريش : { عجِّل لنا قطنا } وقول أبي جهل : اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فاحنه الغداة .
وكأنهم لما قوي تكذيبهم وأذاهم ولم يعاجلوا بالعقوبة ، ظنوا أن ما جاؤوا به باطل فاستفتحوا على سبيل التهكم والاستهزاء كقول قوم نوح : { فأتنا بما تعدنا } وقوم شعيب : { فأسقط علينا كسفاً } وعاد : { وما نحن بمعذبين } وبعض قريش : { فأمطر علينا حجارة } وقيل : الضمير عائد على الفريقين : الأنبياء ، ومكذبيهم ، لأنهم كانوا كلهم سألوا أن ينصر المحق ويبطل المبطل .
ويقوي عود الضمير على الرسل خاصة قراءة ابن عباس ، ومجاهد ، وابن محيصن : واستفتحوا بكسر التاء ، أمراً للرسل معطوفاً على ليهلكن أي : أوحى إليهم ربهم وقال لهم : ليهلكن ، وقال لهم : استفتحوا أي : اطلبوا النصر وسلوه من ربكم .
وقال الزمخشري : ويحتمل أن يكون أهل مكة قد استفتحوا أي استمطروا ، والفتح المطر في سني القحط التي أرسلت عليهم بدعوة الرسول فلم يسقوا ، فذكر سبحانه ذلك ، وأنه خيّب رجاء كل جبار عنيد ، وأنه يسقى في جهنم بدل سقياه ماء آخر وهو صديد أهل النار .
واستفتحوا على هذا التفسير كلام مستأنف منقطع عن حديث الرسل وأممهم انتهى .
وخاب معطوف على محذوف تقديره : فنصروا وظفروا .
وخاب كل جبار عنيد وهم قوم الرسل ، وتقدم شرح جبار .
والعنيد : المعاند كالخليط بمعنى المخالط على قول من جعل الضمير عائداً على الكفار ، كأن وخاب عطفاً على واستفتحوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.