فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ} (15)

{ واستفتحوا } معطوف على { أوحى } ، والمعنى : أنهم استنصروا بالله على أعدائهم ، أو سألوا الله القضاء بينهم ، من الفتاحة وهي الحكومة ومن المعنى الأوّل قوله : { إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءكُمُ الفتح } [ الأنفال : 19 ] أي : إن تستنصروا فقد جاءكم النصر . ومن المعنى الثاني قوله : { رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق } [ الأعراف : 19 ] أي : احكم ، والضمير في { استفتحوا } للرسل . وقيل : للكفار . وقيل : للفريقين { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } الجبار المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقاً ، هكذا حكاه النحاس عن أهل اللغة ، والعنيد المعاند للحق والمجانب له ، وهو مأخوذ من العند ، وهو الناحية ، أي : أخذ في ناحية معرضاً . قال الشاعر :

إذا نزلت فاجعلوني وسطا *** إني كبير لا أطيق العندا

قال الزجاج : العنيد الذي يعدل عن القصد ، وبمثله قال الهروي ، وقال أبو عبيد : هو الذي عند وبغى ، وقال ابن كيسان : هو الشامخ بأنفه . وقيل : المراد به العاصي . وقيل : الذي أبى أن يقول لا إله إلاّ الله . ومعنى الآية : أنه خسر وهلك من كان متصفاً بهذه الصفة .

/خ18