معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

وأمره أن يكفر يمينه ويراجع أمته ، فقال :{ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } أي بين وأوجب أن تكفروها إذا حنثتم وهي ما ذكر في سورة المائدة { والله مولاكم } ، وليكم وناصركم ، { وهو العليم الحكيم } واختلف أهل العلم في لفظ التحريم ، فقال قوم : ليس هو بيمين ، فإن قال لزوجته : أنت علي حرام ، أو حرمتك ، فإن نوى به طلاقاً فهو طلاق ، وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين بنفس اللفظ . وإن قال ذلك لجاريته فإن نوى عتقاً عتقت ، وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين ، وإن قال لطعام : حرمته على نفسي فلا شيء عليه ، وهذا قول ابن مسعود وإليه ذهب الشافعي . وذهب جماعة إلى أنه يمين ، فإن قال ذلك لزوجته أو جاريته فلا تجب عليه الكفارة ما لم يقربها ، كما لو حلف أن لا يطأها . وإن حرم طعاماً فهو كما لو حلف أن لا يأكله ، فلا كفارة عليه ما لم يأكل ، يروى ذلك عن أبي بكر ، وعائشة ، وبه قال الأوزاعي ، وأبو حنيفة رضي الله عنه .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا معاذ بن فضالة ، حدثنا هشام عن يحيى ، عن ابن حكيم ، وهو يعلى بن حكيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في الحرام : يكفر . وقال ابن عباس : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }( الأحزاب- 21 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

{ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ }{[1155]}  أي : قد شرع لكم ، وقدر ما به تنحل أيمانكم قبل الحنث ، وما به الكفارة{[1156]}  بعد الحنث ، وذلك كما في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا } إلى أن قال : { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ } .

فكل من حرم حلالًا عليه ، من طعام أو شراب أو سرية ، أو حلف يمينًا بالله ، على فعل أو ترك ، ثم حنث أو أراد الحنث ، فعليه هذه الكفارة المذكورة ، وقوله : { وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ } أي : متولي أموركم ، ومربيكم أحسن تربية ، في أمور دينكم ودنياكم ، وما به يندفع عنكم الشر ، فلذلك فرض لكم تحلة أيمانكم ، لتبرأ ذممكم ، { وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } الذي أحاط علمه بظواهركم وبواطنكم ، وهو الحكيم في جميع ما خلقه وحكم به ، فلذلك شرع لكم من الأحكام ، ما يعلم أنه موافق لمصالحكم ، ومناسب لأحوالكم .


[1155]:- في ب: فقال تعالى: "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم" وهذا عام في جميع أيمان المؤمنين.
[1156]:- في ب: وما به تتكفر.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر رحمته فقال : { قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } .

وقوله { فَرَضَ } هنا بمعنى شرع ، والتحلة : مصدر بمعنى التحليل ، والمراد بها الكفارة ، وهى مصدر حلّل كالتكرمة مصدر كرْم ، من الحل الذى هو ضد العقد .

أى : قد شرع الله - تعالى - لكم تحليل الإيمان التى عقد تموها ، عن طريق الكفارة ، لأن اليمين إذا كانت فى أمر لا يحبه الله - تعالى - فالعدول عنها أولى وأفضل .

وفى الحديث الشريف يقول - صلى الله عليه وسلم - " إنى والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يمينى وفعلت الذى هو خير " .

وقد اختلف العلماء فى التحريم الذى كن من النبى - صلى الله عليه وسلم - أكان بيمين أم لا .

وظاهر الآية يؤيد القول بالإيجاب لقوله - تعالى - : { قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } لأن هذه الجملة الكريمة تشعر بأن هناك يمينا تحتاج إلى كفارة .

وقد جاء فى بعض الروايات الصحيحة أنه قال : " بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، وقد حلفت . لا تخبرى بذلك أحدا . . " .

قال الآلوسى ما ملخصه : واختلفوا هل كفر النبى - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه هذه أولا ؟

فعن الحسن أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وإنما هو تعليم للمؤمنين .

وعن مقاتل : أنه - صلى الله عليه وسلم - أعتق رقبة . . . ونقل مالك عن زيد بن أسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى الكفارة .

وقوله - سبحانه - : { والله مَوْلاَكُمْ } أى : وهو - سبحانه - سيدكم ومتولى أموركم وناصركم . وهو - تعالى - : { العليم الحكيم } أى : العليم بجميع أحوالكم وشئونكم ، الحكيم فى كل أقواله وأفعاله وتدبير شئون عباده .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم قد شرع لكم تحليلها وهو حل ما عقدته بالكفارة أو الاستثناء فيها بالمشيئة حتى لا تحنث من قولهم حلل في يمينه إذا استثنى فيها واحتج بها من رأى التحريم مطلقا أو تحريم المرأة يمينا وهو ضعيف إذ لا يلزم من وجوب كفارة اليمين فيه كونه يمينا مع احتمال أنه صلى الله عليه وسلم أتى بلفظ اليمين كما قيل والله مولاكم متولي أمركم وهو العليم بما يصلحكم الحكيم المتقن في أفعاله وأحكامه .