التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

سورة التحريم

قوله تعالى { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم } .

قال البخاري : حدثنا معاذ بن فضالة حدثنا هشام ، عن يحيى ، عن ابن حكيم ، عن سعيد بن جبير أن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الحرام يكفّر .

وقال ابن عباس : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } .

( الصحيح8/524-ك التفسير- سورة التحريم- ( الآية ) ح 4911 ) .

قال الحافظ ابن حجر : قوله : في الحرام يكفر . أي : إذا قال لامرأته : أنت علي حرام لا تطلق وعليه كفارة يمين . . . والغرض من حديث ابن عباس قوله فيه { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } فإن فيه إشارة إلى سبب نزول أول هذه السورة وإلى قوله فيه { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } .

أخرج البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا ، فتوصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل : إني لأجد منك ريح مغافير ، أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت له ذلك ، فقال : لا بأس ، شربت عسلا عند زينب ابنة جحش ولن أعود له فنزلت { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لكم . . . } إلى قوله { إن تتوبا إلى الله } لعائشة وحفصة { وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا } لقوله : بل شربت عسلا .

( صحيح البخاري- الطلاق ، ب { لم تحرم ما أحل الله لك }ح 5267 ) .

وقال النسائي : أخبرني إبراهيم بن يونس بن محمد حرمي هو لقبه قال : حدثنا أبي قال حدثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرّمها على نفسه فأنزل الله عز وجل { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } إلى آخر الآية .

( السنين 7/71-ك عشرة النساء ، ب الغيرة ) وأخرجه الحاكم في ( المستدرك 2/493-ك التفسير ) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت به . وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي . وأخرجه الضياء المقدسي في ( المختارة 5/69-70ح1694-1695 من طريق ابن السني عن النسائي به ، صحيح المحقق إسناده ، وأخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى مسروق ( انظر الفتح8/657 ) لكنه مرسل يتقوى بما سبق . وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه يحتمل أن تكون الآية نزلت في السنين المتقدمين في سنن النسائي وقلبه في صحيح البخاري ( الصحيح 8/525-526-ك التفسير- سورة التحريم ح 4913 ) .

قال الضياء المقدسي : أخبرنا أبو أحمد عبد الباقي بن عبد الجبار بن عبد الباقي الحُرضي الهروي- قراءة عليه ونحن نسمع ببغداد- قيل له : أخبركم أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ، قراءة عليه وأنت تسمع- أنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد الخليلي ، أنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الخزاعي ، أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي ، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة : " لا تحدّثي أحدا ، وإن أم إبراهيم عليّ حرام " فقالت : أتحرّم ما أحل الله لك ؟ قال : " فوا الله لا أقربها " . قال : فلم يقربها نفسها حتى أخبرت عائشة ، فأنزل الله عز وجل : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } .

( المختارة 1/299-300ح189 وصححه ابن كثير في التفسير ( 4/386 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا حرموا شيئا مما أحل الله لهم أن يكفروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وليس يدخل في ذلك طلاق .