مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

ثم قال تعالى : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ، والله مولاكم وهو العليم الحكيم ، وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير } { قد فرض الله لكم } . قال مقاتل : قد بين الله ، كما في قوله تعالى : { سورة أنزلناها وفرضناها } وقال الباقون : قد أوجب ، قال صاحب النظم : إذا وصل بعلى لم يحتمل غير الإيجاب كما في قوله تعالى : { قد علمنا ما فرضنا عليهم } وإذا وصل باللام احتمل الوجهين ، وقوله تعالى : { تحلة أيمانكم } أي تحليلها بالكفارة وتحلة على وزن تفعلة وأصله تحللة وتحلة القسم على وجهين ( أحدهما ) تحليله بالكفارة كالذي في هذه الآية ( وثانيهما ) أن يستعمل بمعنى الشيء القليل ، وهذا هو الأكثر كما روي في الحديث : " لن يلج النار إلا تحلة القسم " يعني زمانا يسيرا ، وقرئ كفارة أيمانكم ، ونقل جماعة من المفسرين أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف أن لا يطأ جاريته فذكر الله له ما أوجب من كفارة اليمين ، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن الحرام يمين ، يعني إذا قال : أنت علي حرام ولم ينو طلاقا ولا ظهارا كان هذا اللفظ موجبا لكفارة يمين { والله مولاكم } ، أي وليكم وناصركم وهو العليم بخلقه الحكيم فيما فرض من حكمه .