الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

وأخرج ابن سعد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أم إبراهيم ، فقال : «هي عليّ حرام ، فقال : والله لا أقربها ، فنزلت { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } » .

وأخرج ابن سعد عن مسروق والشعبي قالا : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمته وحرمها ، فأنزل الله { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } وأنزل { لم تحرم ما أحل الله لك } .

وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده والضياء المقدسي في المختارة من طريق نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة : «لا تحدثي أحداً وإن أم إبراهيم عليَّ حرام ، فقالت : أتحرم ما أحل الله لك ؟ قال : فوالله لا أقربها ، فلم يقربها نفسه حتى أخبرت عائشة فأنزل الله { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } » .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مسروق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف لحفصة أن لا يقرب أمته ، وقال : هي عليَّ حرام ، فنزلت الكفارة ليمينه وأمر أن لا يحرم ما أحل الله له .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك أن حفصة زارت أباها ذات يوم ، وكان يومها ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجدها في المنزل ، فأرسل إلى أمته مارية ، فأصاب منها في بيت حفصة ، وجاءت حفصة على تلك الحال ، فقالت يا رسول الله : أتفعل هذا في بيتي وفي يومي ؟ قال : فإنها عليّ حرام ولا تخبري بذلك أحداً ، فانطلقت حفصة إلى عائشة ، فأخبرتها بذلك فأنزل الله { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } إلى قوله : { وصالح المؤمنين } فأمر أن يكفر عن يمينه ، ويراجع أمته .

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية سريته بيت حفصة فوجدتها معه ، فقالت : يا رسول الله في بيتي من بين بيوت نسائك ؟ قال : «فإنها عليَّ حرام أن أمسها ، واكتمي هذا عليَّ » ، فخرجت حتى أتت عائشة ، فقالت : ألا أبشرك ؟ قالت : بماذا ؟ قالت : وجدت مارية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فقلت : يا رسول الله في بيتي من بين بيوت نسائك ؟ فكان أوّل السر أنه أحرمها على نفسه ، ثم قال لي : يا حفصة ألا أَبشرك فأعلمي عائشة أن أباك يلي الأمر من بعده ، وأن أبي يليه بعد أبيك ، وقد استكتمني ذلك فاكتميه ، فأنزل الله { يا أيها النبي لم تحرم } إلى قوله : { غفور رحيم } أي لما كان منك إلى قوله : { وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه } يعني حفصة { حديثاً فلما نبأت به } يعني عائشة { وأظهره الله عليه } أي بالقرآن { عرف بعضه } عرف حفصة ما أظهر من أمر مارية { وأعرض عن بعض } عما أخبرت به من أمر أبي بكر وعمر ، فلم يُبْدِه { فلما نبأها به } إلى قوله : { الخبير } ثم أقبل عليهما يعاتبهما فقال : { إن تتوبا إلى الله } إلى قوله : { ثيبات وأبكاراً } فوعده من الثيبات آسية بنت مزاحم وأخت نوح عليه السلام ، ومن الأبكار مريم بنت عمران وأخت موسى .

وأخرج الحارث بن أبي أسامة عن عائشة قالت : لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح ، فأنزل الله { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } فأحل يمينه وأنفق عليه .

وأخرج ابن المنذر وابن مردويه من طريق علي عن ابن عباس { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } قال : أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا حرموا شيئاً مما أحل الله لهم أن يكفروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، وليس يدخل في ذلك الطلاق .

وأخرج عبد بن حميد عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله : { تحلة أيمانكم } قال : يقول قد أحللت لك ما ملكت يمينك ، فلم تحرم ذلك وقد فرضت لك تحلة اليمين تكفر بها يمينك ؟ كل ذلك في هذا .